×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

ولا يَشغَله شأن عن شأن، جَلَّ عن الأشباه والأنداد، وتنزه عن الصاحبة والأولاد

*****

فوق العَرْش، لا يخفى عليه شيء من مخلوقاته وأَرضه وسمواته ولا من الماضي ولا من المستقبل، يعلم ما كان وما يكون وأين يكون وكيف يكون، ولا يخفى على علمه شيء: ﴿عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِۖ لَا يَعۡزُبُ عَنۡهُ مِثۡقَالُ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَآ أَصۡغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرُ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ[سبأ: 3] ففرْق بين ذاته سبحانه وعلمه: ذاته في العُلو فوق السَّموَات، وأما علمه فهو في كل مكان لا يخلو منه مكان.

«ولا يَشغَله شأن عن شأن» لا يَشغَله فعل عن فعل، يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويعز ويذل ويفقر ويغني، فهو سبحانه وتعالى يُدبر أمر مخلوقاته ولا يَشغَله فعل عن فعل، بخلاف المخلوق؛ فإن المخلوق إذا اشتغل بعمل فإنه لا يمكن أن ينشغل بعمل آخر، أما الله جل وعلا فلا يمكن أن يَشغَله فعل عن فعل؛ وذلك لكمال قدرته سبحانه وتعالى وكمال علمه.

«جَلَّ» أي: عَظُم شأنه سبحانه «عن الأشباه» فلا يشبهه شيء من مخلوقاته، «والأنداد» جمع نِدّ، وهو الشبيه أيضًا، فلا شبيه له ولا ند له ولا كفء له سبحانه وتعالى، لا يشبهه شيء: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ [الشورى: 11].

«تنزه عن الصاحبة» والصاحبة هي الزوجة، تَنَزَّه، يعني: تَقَدَّس سبحانه وتعالى عن الزوجة، «والأولاد» لغناه سبحانه وتعالى عن خلقه؛ لأنه لا يحتاجُ للزوجة والأولاد إلاَّ المخلوق لضعفه وحاجته إلى من يُعينه، فالله جل وعلا غنيٌ عن خلقه ليس بحاجةٍ إلى الزوجة ولا إلى الولد، ولأن الولد جزءٌ 


الشرح