الله سبحانه وتعالى. استوى: أي: استقر وعلا وارتفع سبحانه وتعالى عليه وعلا عليه واستقر عليه جل وعلا لكن كل هذه المعاني تليق بجلاله سبحانه وتعالى ليس كاستقرار المخلوق على المخلوق أو علو المخلوق على المخلوق أو ارتفاع المخلوق على المخلوق. المخلوق إذا ارتفع على شيء فإنه بحاجةٍ إلى هذا الشَّيء يرفعه لئلا يسقط، أما الله جل وعلا فليس بحاجةٍ إلى العَرْش ولا إلى السَّموَات بل العَرْش محتاج إليه والسَّموَات محتاجة إليه فهو الذي يمسكها سبحانه وتعالى وهو الذي خلقها، فهي بحاجة إليه وهو ليس بحاجة إليها، فلا يُشبه استواؤه على العَرْش استواء المخلوق على المخلوق، وإن كان المعنى واحدًا لكن الكيفية والحقيقة مختلفة. ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ﴾ [طه: 5] هذا خبر منه سبحانه وتعالى في آيات سبع كلها مطردة بها اللفظ ﴿ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ﴾ [الأعراف: 54] وقوله في طه: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ﴾ [طه: 5] ﴿لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ﴾ [طه: 6] له ما في السَّموَات السبع من المخلوقين من الملاَئكَة وغيرهم ﴿وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾ [طه: 6] من المخلوقات كلها له سبحانه وتعالى من آدميين وبهائم وجن وإنس وحيوانات وطيور وغير ذلك، كل ما يدب على الأَرض ويمشي على الأَرض ويوجد على الأَرض فإنه ملك لله سبحانه وتعالى، يتصرف فيه ويدبره ويرزقه سبحانه وتعالى، ﴿وَمَا بَيۡنَهُمَا﴾ وما بين السَّموَات والأَرض من المخلوقات التي لا يعلمها إلاَّ هو فهي ملك له سبحانه وتعالى، ﴿وَمَا تَحۡتَ ٱلثَّرَىٰ﴾ [طه: 6] وما تحت أديم الأَرض وسطح الأَرض من المخلوقات ومن المعادن، ومن الأَموَات، كلها لله سبحانه وتعالى هي ملكه وهو الذي خلقها، ﴿وَإِن تَجۡهَرۡ بِٱلۡقَوۡلِ فَإِنَّهُۥ يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخۡفَى﴾ [طه: 7]