×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

والمعنى الثاني للتأويل: معرفة الحقيقة التي يؤول إليها الشَّيء في المستقبل، وعلى هذا المعنى يتعين الوقف على لفظ الجلالة من قوله: ﴿وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ [آل عمران: 7]؛ لأنه لا يعلم حقائق هذه الأشياء التي ذكرها الله في القُرْآن من الجنة والنَّار وما يكون في يوم القِيَامة وما يكون في المستقبل لا يعلم حقيقته وكيفيته إلاَّ الله، وكذلك الأسماء والصِّفَات لا يعلم حقيقتها وكيفيتها إلاَّ الله جل وعلا فيتعين الوقف على لفظ الجلالة.

ومن هذا المعنى قوله تعالى: ﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا تَأۡوِيلَهُۥۚ [الأعراف: 53] أي: هل ينتظرون إلاَّ ما يؤول إليه في المستقبل ﴿يَوۡمَ يَأۡتِي تَأۡوِيلُهُۥ [الأعراف: 53] أي: يوم تقع حقيقته وكيفيته التي أخبر الله عنها ﴿يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَآءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشۡفَعُواْ لَنَآ أَوۡ نُرَدُّ فَنَعۡمَلَ غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ [الأعراف: 53] إذا عاينوا يوم القِيَامة حقائق ما أخبر الله عنه من المغيبات عرفوا أنهم قد أخطئوا، وأنهم قد قصروا، وأنهم قد أهملوا، فيتمنون الرجوع أو أن أحدًا يشفع لهم.

وكذلك قوله تعالى في قصة يوسف لما رفع أبويه على العَرْش وخروا له سجدًا: ﴿وَقَالَ يَٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ [يوسف: 100] أي: هذا بيان حقيقتها ومآلها قد وقع الآن واتضح؛ لأنه في أول السُّورة يقول: ﴿يَٰٓأَبَتِ إِنِّي رَأَيۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَيۡتُهُمۡ لِي سَٰجِدِينَ[يوسف: 4] وما وقع تأويل هذا وبيانه إلاَّ بعد مدة طويلة حينما ذهب أبوه وأمه وإخوته إليه في مصر بعد أن صار ملكًا عليها: ﴿فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ ءَاوَىٰٓ إِلَيۡهِ أَبَوَيۡهِ وَقَالَ ٱدۡخُلُواْ مِصۡرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ


الشرح