×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

ويتركون الطرف الآخر الذي يوضحه، ويُفَسِرُهُ ابتغاء الفتنة من أجل صرف النَّاس عن الحق وتشكيك النَّاس في الدين.

ويقولون: إننا نستدل بالقُرْآن أو نستدل بالأحاديث، والصواب أنهم لم يستدلوا لا بالقُرْآن ولا بالأحاديث؛ لأن هذا ليس استدلالاً صحيحًا، بل هو قطع النُّصُوص بعضها عن بعض ليس استدلالاً صحيحًا، بل هو استدلال باطل كما قال تعالى: ﴿وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓ أَن يُوصَلَ [البقرة: 27].

فتُرجع الأدلة بعضها إلى بعض، ولا يُضرب كتاب الله بعضه ببعض، أو كلام الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يُضرب بعضه ببعض، وإنما يُرجع بعضه إلى بعض ويُفسر بعضه ببعض، ولهذا يقول الراسخون في العلم: ﴿ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ [آل عمران: 7] المُحكَم والمتشابِه، فما دام أن كله من عند ربنا فإنه يفسِّر بعضه بعضًا، وكلام الله جل وعلا لا يتناقض، كما قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا [النساء: 82] فكلام الله ليس فيه اختلاف وليس فيه تناقض، ولكن يحتاج إلى إِيمَان وإلى علم راسخ بوجوه الاستدلال وكيفية الاستدلال بالنُّصُوص، يحتاج إلى بصيرةٍ وإلى رسوخٍ في العلم بحيث يعرِفُ ذلك المجتهد، ولذلك يشترطون في المجتهد أن يكون عالمًا بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعرف النَّاسخ والمنسوخ، والمُطلَق والمقيَّد، والمُجمَّل والمبيَّن، والمُحكَم والمتشابِه، يجب عليه أن يعرف هذه الأمور وإلا فإنه لا يُسوَّغ له الاجتهاد والكلام في مسائل العلم حتَّى يعرف هذه الأمور؛ لئلا يقع فيما وقع فيه أهل الزَّيغ.


الشرح