×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

أما أهل الزَّيغ الذين في قلوبهم زَيغ فإنهم يأخذون بالمتشابِه ولا يردونه إلى المُحكَم، يأخذون بالمتشابِه ويتركون المحكَم ويقولون: نحن استدللنا بالقُرْآن.

فيقول الخوارج: ﴿وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَإِنَّ لَهُۥ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا [الجن: 23] فيقولون: هذه الآية تدل على أن العاصي كافر وأنه مخلد في النَّار، ولا يردّون هذه الآية إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48]، وإلى قوله تعالى: ﴿إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّ‍َٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا [النساء: 31]، وكذلك يأخذون قول الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» ([1]) وما في قوله تعالى: ﴿وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا [النساء: 93] فيُكفرون القاتل ولا يَرجعون إلى قوله تعالى: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ [الحجرات: 9- 10] سماهم مُؤْمنِين وهم يتقاتلون، وأمر بالإصلاح بينهم وجعلهم من إخوتنا وهم يتقاتلون، فدل على أن القاتل لا يَكفر، فلما ذكر القصاص: قال: ﴿فَمَنۡ عُفِيَ لَهُۥ مِنۡ أَخِيهِ [البقرة: 178] من أخيه القتيل، فجعل القتيل أخًا للقاتل، فدل على أن القاتل لا يَكفر وأنه أخ للقتيل بالإِيمَان: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ [الحجرات: 10].

فأهل الزَّيغ يأخذون طرفًا من الأدلة - وهو متشابه القُرْآن والسنة -


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (121)، ومسلم رقم (65).