ولقد
وصفوا منه ما يَشْفِي، وتكلموا منه بما يكفي، فما فوقهم مُحسِّر، وما دونهم
مقصِّر، لقد قَصَّر عنهم قوم فجَفَوْا، وتجاوزهم آخرون فغَلَوْا ، وإنهم فيما بين
ذلك لعلى هدى مستقيم.
*****
هم لم يقصروا في
أمور دينهم ولا سيما في أمور العَقيدَة - الأسماء والصِّفَات - ما قصروا في هذا
ولا تكاسلوا، بل بينوا ووضحوا، وسكتوا عن أشياء لا يجوز البحث فيها، فتكلَّم أنت
بكلامهم وانقل كلامهم ولا تتصرف فيه، وما سكتوا عنه اسكت عنه لا تدخل فيه، إذا
عَرَض لك شيء ولم تجد فيه كلامًا للسلف فاعلم أنهم سكتوا عنه ووقفوا عنه، فقف أنت
عنه ولا تدخل فيه.
«ما فوقهم» يعني: ما زاد عن
هديهم «مُحَسِّر» يعني: الغالي المتجاوز للحد، «وما دونهم مُقصِّر» الذي تكاسل عن
اتباعهم وعن علمهم مقصِّر وكسلان.
فالذين خالفوا السلف
بين أمرين: إما غالٍ، وإما جافٍ، الأول: مُحَسِّر، يعني: غالي ومتجاوز للحد، والذي
قصّرَ دونهم مُقصِرٌ لم يلحق بهم، وكلا الأمرين مذموم، والسَّلامة في السير معهم
لا التقدم عليهم ولا التأخر عنهم، والسير معهم بمنهجهم.
«قَصَّر عنهم قوم
فجَفَوْا» هذا هو الجفاء والكسل.
هذا شرح لعبارة «ما
فوقهم مُحَسِّر وما دونهم مُقَصِّر» فالمقصِّر جفا، والمحسِّر غلا.
يعني: فيما بين المحسِّر والمقصِّر، فالسلف لزموا الوسطية بين
الصفحة 5 / 304