وببصر
نافذ كَفُّوا، ولَهُم على كَشْفِها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى، فلئن
قلتم: حَدَثَ بعدهم؛ فما أحدثه إلاَّ من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم،
*****
«ببصر» المراد بالبصر هنا
بصر القلب، وهو: العلم، والمراد به البصيرة، فهم رأَوا أن هذا الشَّيء الذي توقفوا
فيه وكَفُّوا عنه أنه لا خير فيه فتركوه، فأنت عليك أن تترك ما تركوه ولا تُحدث
عبارات من عندك أو ألفاظًا من عندك أو فَهمًا من عندك، لا تُحدث شيئًا لم يقولوه.
أي: عندهم قدرة
علمية، لكن كونهم وقفوا على هذا الشَّيء لأنهم يرون أنه لا خير فيه ولا يجوز
الدخول فيه، فقف أنت معهم.
ولو كان بهذه
الأشياء التي سكتوا عنها فضل لكانوا هم أحرى بالفضل فدخلوا فيها، فدل على أن
الدخول فيها ليس من الفضل، وإنما هو من الجهلِ والضلال.
هذا جوابٌ عن اعتراضٍ قد يَرِد على كلامه رحمه الله وهو إن قلتم: إنه حدث بعدهم أشياء فنحن نُحْدِثُ ألفاظًا ونُحْدِثُ عباراتٍ لم يقولوا بها؛ لأن هذه الحوادث ما حصلت في وقتهم؛ فنقول: لا نجاة إلاَّ باتباعهم، فإذا أردت أن ترد على هذه المحدثات فرد عليها بأن ما أُحْدِث بعدهم لا خير فيه.