×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

 قال تعالى: ﴿غُلَّتۡ أَيۡدِيهِمۡ فاليهود هم أبخل النَّاس بالمال، وأحرص النَّاس وأجشع النَّاس على جمع المال؛ ولذا يجمعونه من كل صوب، من حلال ومن حرام، عندهم جمع المال لا يتوقف على حلال وحرام، استباحوا الربا، واستباحوا الميسر، واستباحوا البِغاء وإيجار البغي وفتح دور البغاء للاستثمار، هذه صفة اليهود، يجمعون من كل ما هب ودب، ولكن لا ينفقون فهم أبخل النَّاس، فهذا وصف ينطبق عليهم: ﴿غُلَّتۡ أَيۡدِيهِمۡ بمعنى أنهم ضُربوا بالبخل، وليس معناها أن أيديهم معلقة بأعناقهم، هذا مقصود به البخل كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ [الإِسرَاء: 29] يعني: بالبخل، ﴿وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ [الإِسرَاء: 29] يعني: بالإسراف.

فالإمساك عن النفقة بُخل وغَل لليد، والبسط في النفقة كل البسط هذا إسراف: ﴿وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا [الإِسرَاء: 29]، ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ قَوَامٗا [الفرقان: 67].

﴿وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْۘ [المائدة: 64] لعنهم الله بما تنقَّصوا الله سبحانه وتعالى، واللعن: هو الطرد والإبعاد عن رَحمَة اللهِ سبحانه وتعالى، فدل على شناعة هذه المقال - والعِيَاذ باللهِ - ثم قال جل وعلا: ﴿بَلۡ يَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيۡفَ يَشَآءُۚ [المائدة: 64] فكل الخلائق تعيش على فضله سبحانه وعلى رزقه، كل الخلائق من البهائم والآدميين والحشرات وكل المخلوقات، كلها تعيش على رزق الله سبحانه وتعالى، يده سَحاء الليل والنهار سبحانه وتعالى: ﴿وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ[المنَافِقُون: 7] فكل ما يقتات به المخلوقات فإنه من رزقه ومن فضله،


الشرح