﴿أَمَّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي يَرۡزُقُكُمۡ إِنۡ أَمۡسَكَ رِزۡقَهُۥۚ﴾ [الملك: 21]، فكل الخلائق تعيش
على رزقه سبحانه وتعالى، حتَّى الكفار أعداء الله يعيشون على رزقه سبحانه وتعالى. ﴿بَلۡ يَدَاهُ
مَبۡسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيۡفَ يَشَآءُۚ﴾ [المائدة: 64] فوصف نفسه بأن له
يدين، وأنه ينفق سبحانه كيف يشاء، لا أحد يعترض عليه ولا يمنعه، ولا يمنع فضله
سبحانه وتعالى، الشاهد من الآية ﴿يَدَاهُ﴾ وصف نفسه بأن له يدين كما في الآية الأخرى: ﴿مَا
مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ﴾ [ص: 75] حيث خلقَ آدم بيديه سبحانه وتعالى، وأما بقية الخلائق
فإنه يخلقها بيده بل خلقها بأمره، يقول للشيء كن فيكون، تتكون الأشياء بأمره
سبحانه، أما آدم فإن الله خلقه بيده سبحانه، وهذا تشريف لآدم عليه الصلاة والسلام
من بين سائر الخلق أن الله خلقه بيده جل وعلا: ﴿لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ﴾ قال: ﴿خَلَقۡتُ﴾ ثم قال: ﴿بِيَدَيَّۖ﴾ هذا صريح في إثبات
اليدين لله سبحانه وتعالى. أهل الضلال يقولون: المراد بيد الله قدرته، أي: خلقته
بقدرتي، فيُرَدُ عليهم أنه لو كان كذلك لم يكن لآدم مَزِية على غيره من المخلوقات،
كل المخلوقات خُلقت بقدرة الله سبحانه وتعالى، ثانيًا: أنه قال: ﴿بِيَدَيَّۖ﴾ هل يقال:
بقدرتيَّ؟! هل لله قدرتان أو قدرة واحدة؟ له قدرة واحدة، فدل على أن قوله: ﴿بِيَدَيَّۖ﴾ تثنية يد الحقيقية،
كما يُفهم هذا من المعنى اللغوي والمعروف في الحِس، لكن له يدان سبحانه وتعالى
تختصان به لا تشبهان يدي المخلوق، فيداه تليقان به جل وعلا ولا يعلم كيفيتهما
إلاَّ الله، وليستا كيدي المخلوقين.
فهم يَنفون عن الله اليدين خشية من التشبيه - بزعمهم - فنقول: لا تشبيه أبدًا؛ لأنه لا تشابه بين يد الله وبين يد المخلوق، حاشا