وقوله
تعالى إخبارًا عن عِيسَى عليه السلام أنه قال: ﴿تَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِي وَلَآ أَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِكَۚ﴾ [المائدة: 116]،
وقوله سبحانه: ﴿وَجَآءَ رَبُّكَ﴾ [الفجر: 22].
*****
وكلا، وإنما يقع التشابه عند من لا يعقل ولا
يفهم كلام الله، وأما أهل العلم فلا يُشكِل هذا عليهم.
هذا في إثبات النفس
لله سبحانه وتعالى، كما أن المخلوق له نفس: ﴿تَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِي﴾ [المائدة: 116] عِيسَى عليه السلام
مخلوق وله نفس، ﴿وَلَآ
أَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِكَۚ﴾ [المائدة: 116] يقول لربه: ولا أعلم ما في
نفسك، فعِيسَى عليه السلام خاطب ربه بأنه لا يعلم ما في نفسه ولم يُنكر الله عليه
ذلك، ففيه إثبات النفس لله تعالى، وفي الآية الأخرى ﴿كَتَبَ رَبُّكُمۡ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَ﴾ [الأنعام: 54] فيه إثبات النفس
لله، ولا يلزم من كون المخلوق له نفس أن تتشابه النفسان: نفس الله جل وعلا ونفس
المخلوق أبدًا.
هذا من صفات الأَفعَال، فالوجه واليدان والنفس من صفات الذَّات، وأما قوله تعالى: ﴿وَجَآءَ رَبُّكَ﴾ [الفجر: 22] هذا من صفات الأَفعَال، وهذه الآية في سياق ذكر أهوال يوم القِيَامة في سورة الفجر، قال تعالى: ﴿كَلَّآۖ﴾ كلمة ردع وزجر ﴿إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا﴾ [الفجر: 21] رُجفت الأَرض واندك ما عليها من الجبال والمباني وصارت قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا: ﴿وَيَسَۡٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡجِبَالِ فَقُلۡ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسۡفٗا ١٠٥ فَيَذَرُهَا قَاعٗا صَفۡصَفٗا﴾ [طه: 105- 106]، ﴿وَجَآءَ رَبُّكَ﴾ جاء مجيئًا حقيقيًّا لفصل القَضَاء بين عباده سبحانه وتعالى، ففيه إثبات المجيء لله.