وقوله:
﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ﴾ [البقرة: 210]،
وقول الله تعالى: ﴿رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ
عَنۡهُۚ﴾ [المائدة:
119].
*****
﴿هَلۡ يَنظُرُونَ﴾ أي: ما ينتظر الكفار ﴿إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ﴾ يجيء لفصل القَضَاء
﴿فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ﴾ من السحاب ﴿وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ﴾ تأتي الملاَئكَة مع مجيئه سبحانه وتعالى ﴿وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُۚ وَإِلَى
ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ﴾ [البقرة: 210] يأتي لفصل القَضَاء سبحانه
وتعالى، وذلك أن النَّاس يقفون موقفًا طويلاً قدر خمسين ألف سنة شاخصة أبصارهم،
تدنو منهم الشمس، ويُلجمهم العرق، بعضهم يُلجمه العرق، وبعضهم دون الإلجام، حسب
أَعمَالهم، فإذا طال عليهم الوقوف طلبوا من يشفع لهم إلى ربهم ليفصل بينهم،
فيتدافع الأَنبِيَاء الشَّفاعَة إلى أن تأتي إلى مُحمَّد صلى الله عليه وسلم فيخر
ساجدًا بين يدي ربه ويسأل الله أن يفصل بين عباده وأن يُريحهم من الموقف، فيأتي
سبحانه وتعالى للفصل بينهم.
فوصف نفسه بالرضا وأنه يرضى عن عباده المُؤْمنِين، فالرضا صفة من صفاته سبحانه الفعلية، قد جاء ذلك في عدة آيات: ﴿رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ﴾ [المائدة: 119]، وغير ذلك، ففيه إثبات الرضا لله جل وعلا كما يليق بجلاله، ولا يشبه ذلك رضا المخلوقين، فإن الله وصف نفسه بالرضا، ووصف المخلوقين بالرضا: ﴿وَرَضُواْ عَنۡهُۚ﴾ هذا فيه إثبات الرضا للمخلوقين وأنهم يرضَون، ولكن لا تشابه بين الرضاءين، رضا الله جل وعلا يختص به، ورضا المخلوق يختص به وبحسبه.