وقوله:
﴿يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ﴾ [المائدة: 54].
*****
كذلك من صفاته
سبحانه: المحبة، أنه يحب عباده بمقتضى أَعمَال يعملونها، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ
أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ
لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ﴾ [المائدة: 54] بهذه الأَعمَال استحقوا محبة
الله لهم على هذه الأَعمَال، موالاتهم للمُؤْمنِين، ومعاداتهم للكفار: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى
ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [المائدة: 54] فهم في جانب
المُؤْمنِين أذلة يَذِلون لهم، ويَلِينون لهم، ويرحمونهم، ويتواضعون لهم، أعزة على
الكافرين، أقوياء على الكافرين، لا تلين لهم شوكة مع الكفار؛ لأنهم أعداء الله عز
وجل، ﴿يُجَٰهِدُونَ فِي
سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ [المائدة: 54] هذه من أعظم صفاتهم الجهاد في سبيل الله عز وجل
لإعلاء كلمة الله ﴿وَلَا
يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ﴾ [المائدة: 54] هذه أيضًا من صفاتهم أنهم لا تأخذهم في الله لومة
لائم ﴿ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ
يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ﴾ [المائدة: 54] فبهذه الصِّفَات استحقوا هذه المَنقَبة العظيمة
أن الله أحبهم سبحانه وتعالى.
كذلك في قوله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ
ٱلتَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222]، ﴿يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ﴾، ﴿يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾... إلى غير ذلك،
فالله يحب أهل الأَعمَال الصَّالِحة والأَفعَال الطيبة، وإذا أحبهم الله عز وجل
سُعدوا في الدُّنيَا والآخِرَة، ونالوا كرامة الله جل وعلا.
كذلك في الآية إثبات المحبة لله وإثبات المحبة للمخلوقين: ﴿يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ﴾ [المائدة: 54] فدل على أنه لا تشابه بين الصفتين، صفة المخلوق وصفة الخالق؛ لأن الله جل وعلا قال: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]، وإن وجدت الصفة في المخلوقين لكنها توجد على