وقوله:
﴿كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمۡ﴾ [التوبة: 46].
*****
والمخلوق يسخط
أيضًا، ولكن لا تشابه بين سخط الخالق وسخط المخلوق وإن اشتركت هذه الصفة في اللفظ
واشتركت في المعنى، لكن الكيفية مختلفة تمامًا بين الخالق والمخلوق، هذه قاعدة في
كل الصِّفَات.
كذلك في هذه الآية
وُصِفَ الله أنه يكره: ﴿وَلَوۡ
أَرَادُواْ ٱلۡخُرُوجَ لَأَعَدُّواْ لَهُۥ عُدَّةٗ وَلَٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمۡ فَثَبَّطَهُمۡ وَقِيلَ
ٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡقَٰعِدِينَ ٤٦ لَوۡ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا
زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالٗا وَلَأَوۡضَعُواْ خِلَٰلَكُمۡ يَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ وَفِيكُمۡ
سَمَّٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [التوبة: 46- 47] هذه في المنافقين
في غزوة تبوك لما تخلف المنَافِقُون بيّن الله للمُؤْمنِين أن الله هو الذي
خَلَّفَهُم وأخَّرهم؛ لأنهم لو خرجوا لحصل على المُؤْمنِين منهم ضرر: ﴿وَلَوۡ أَرَادُواْ
ٱلۡخُرُوجَ﴾ [التوبة: 46] يعني: للغزو مع الرَّسُول
صلى الله عليه وسلم ﴿لَأَعَدُّواْ
لَهُۥ عُدَّةٗ وَلَٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمۡ﴾ [التوبة: 46]، أي: خروجهم ﴿فَثَبَّطَهُمۡ﴾، عن الخروج،
وكَسَّلَهم ﴿وَقِيلَ
ٱقۡعُدُواْ مَعَ ٱلۡقَٰعِدِينَ﴾ [التوبة: 46] ثم بيَّن المفاسد في خروجهم فقال: ﴿لَوۡ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا
زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالٗا وَلَأَوۡضَعُواْ خِلَٰلَكُمۡ يَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ وَفِيكُمۡ
سَمَّٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [التوبة: 47] بيَّن سبحانه
المفاسد التي تترتب على خروجهم مع المُسْلمِين للغزو أنهم يوقعون الشقاق بين
المُسْلمِين، وأنهم يريدون إيقاع الفتنة وتفريق الكلمة، وأن من المُسْلمِين من
يستمع لهم ويتأثر بكلامهم ويصدقهم، فالله جل وعلا منعهم من الخروج حكمة منه سبحانه
وتعالى.
الشاهد من الآية: ﴿كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمۡ﴾ [التوبة: 46] ففيه أن الله
الصفحة 8 / 304