×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

«يَنْزِلُ رَبُّنَا» أسند النزول إلى الله جل وعلا وفي هذا ردٌ على الذين يقولون: ينزل أمره؛ لأن هذا تأويل باطل، أسند النَّبي صلى الله عليه وسلم النزول إلى الرب ولم يسنده إلى أمر الله، أيضًا أَمْر الله جل وعلا دائمًا ينزل، ليس هو بخاص بثلث الليل الآخِر. أيضًا مما يُبْطِلُ هذا التأويل أن الله جل وعلا يقول: «هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟» هل الأمر يقول هذا؟ الأمر يقول: هل من سائل فأعطيه؟! الأمر يعطي! الأمر يغفر الذُّنوُب! الأمر يتوب على من تاب! هذه كلها صفات لله جل وعلا وليست صفاتٍ لأمره.

نُثْبِتُ ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعتقده ولا ندخلُ في كيفيته، ونقولُ: كيف ينزل؟ هل يخلو منه العَرْش أو لا يخلو؟ هل نزوله بحركة أو بغير حركة؟ هل وهل؟ ثلث الليل يختلف باختلاف الأقاليم، إلى آخر التساؤلات، كل هذا لا دخل لنا فيه، الذي خلق الأقاليم وخلق الليل والنهار هو الله جل وعلا فهو ينزل كيف يشاء، وهو على كل شيء قدير، لا ندخل في هذه المتاهات وهذه الأباطيل ونتقوّل على الله وعلى رسوله ما لا نعلم، نحن لسنا مكلفين بذلك، كفاك أن تعلم أن الله ينزلُ إلى سماء الدُّنيَا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل، وأن تتعرض لهذه النفحات ولا تحرم نفسك منها، فتقوم كل ليلة حين يبقي ثلثُ الليل الآخِر، وتسأل الله وتستغفره وتتوب إليه. أمّا أنك تجيء بهذه التساؤلات: كيف ينزل؟ كيف كذا؟ وكيف كذا؟ الليلُ يختلف! تشغل نفسك بهذه الأمور، وتحرِم نفسك من هذا الأجر وهذه النفحات


الشرح