×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

فمذهب المعتزِلة والجَهمِية سواء؛ يَنفون الكلام عن الله ويقولون: إن كلام الله مخلوق. الأشاعرة أرادوا أن يجمعوا بين المتناقضات، فقالوا: إن الله موصوف بالكلام النفسي فقط، كلامه في نفسه فقط، ولم يتكلم بحرف يُسمع ولا بصوت يُسمع، وإنما هو كلام نفسي عبر عنه جبْرِيل أو عبر عنه مُحمَّد صلى الله عليه وسلم فهذا القُرْآن عند الأشاعرة هو عبارة عن كلام الله عبر به جبْرِيل أو عبر به مُحمَّد صلى الله عليه وسلم عن المعنى النفسي القائم بذات الله؛ فمعنى القُرْآن من عند الله وأما ألفاظه فهي من عند المخلوق! فهم جمعوا بين المتناقضات؛ فجعلوا القُرْآن مخلوقًا وغير مخلوق، مخلوق من حيث اللفظ والحروف، وغير مخلوق من حيث المعنى، وهذا باطل وتناقض. وأهل السنة والجماعة يقولون: القُرْآن كلام الله لفظه ومعناه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف، فالقُرْآن هو كلام الله لفظه ومعناه، تكلم الله به حقيقة، سمعه جبْرِيل وبلغه لمحمد صلى الله عليه وسلم وسمع مُوسَى عليه السلام كلام الله، وكلم الله مُوسَى تكليمًا من غير واسطة، ولهذا خُص مُوسَى بأنه كليم الله: ﴿تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۘ مِّنۡهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُۖ [البقرة: 253] وهو مُوسَى عليه السلام، فمُوسَى اختُص من بين الرُّسل بأنه كليم الله، كلمه ربه تكليمًا من غير واسطة وسمع مُوسَى كلامه. وكذلك الله جل وعلا يكلم عباده يوم القِيَامة، يكلم أهل الجنة ويُسلم عليهم ويردون عليه السلام بكلام يسمعونه، يرونه عَيانًا بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر وكما يرون الشمس صحوًا ليس دونها سحاب، ويكلمهم ويُسلم


الشرح