ومن
صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم، يسمعه منه من شاء من خلقه سمعه مُوسَى عليه
السلام منه من غير واسطة، وسمعه جبْرِيل عليه السلام،
*****
عليهم ويسمعون كلامه
ويردون عليه السلام. فالله جل وعلا تكلم ويتكلم إذا شاء سبحانه وتعالى بكلام حقيقي
لفظه ومعناه، وأما كيف يتكلم فهذا لا نعلمه، هذا لا يعلمه إلاَّ الله سبحانه
وتعالى، فليس كلامه ككلام المخلوق، ما نقول: إنه يتكلم كما يتكلم المخلوق، بل
نقول: إنه يتكلم كما يشاء سبحانه وتعالى وكيف يشاء، ولا يعلم كيفية كلامه إلاَّ هو
سبحانه وتعالى كسائر صفاته.
قوله: «بكلام
قديم» قديم النوع، ولا يقال: قديم مطلقًا... وهكذا، وإنما هو قديم النوع حادث
الآحاد، يعني: جنس الكلام قديم، وأما أنواعه فهي تتجدد وتَحدُث متى شاء الله
سبحانه وتعالى.
«يسمعه منه من شاء
من خلقه» يسمعه جبْرِيل عليه السلام، فيحمله ويبلّغه إلى أنبيائه، وسمعه مُوسَى
عليه الصلاة والسلام.
هذا لا شك فيه أن
مُوسَى عليه السلام سمع كلام ربه من غير واسطة بينه وبين الله، ولذلك خص مُوسَى
بهذه المَيزة العظيمة من بين إخوانه النَّبيين.
كذلك اختص الله جبْرِيل عليه السلام بأنه يُسمعه كلامه، ويَسمعه من جبْرِيل أهلُ السَّمَاء، فإذا سمعوه صعقوا، كما جاء في حديث النَّوَاس بن سمعان، وغيره، قال: «إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ أَخَذَتِ السَّمَاوَاتُ مِنْهُ رَجْفَةً أَوْ رِعْدَةً شَدِيدَةً، فَإِذَا سَمِعها أَهْلُ السَّمَاء صُعِقُوا وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا» ([1]).
([1]) أخرجه: محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» رقم (216).