×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

فالقُرْآن محفوظ كما نزل على مُحمَّد صلى الله عليه وسلم لم يبدل ولم يغير منه شيء؛ لأن الله تكفل بحفظه، قال جل وعلا: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ [الحجر: 9] فلا أحد على كثرة الأعداء الحاقدين تجرأ على أن يغير في كلام الله أو يزيد أو يُنقص، هذا من آيات الله سبحانه وتعالى، حفظ الله كتابه من العبث، وسيحفظه إلى أن يرث الله الأَرض ومن عليها، لا يتطاول إليه أحد مع كثرة خصومه وكثرة أعدائه، ولو حاول أحد شيئًا من ذلك لفضحه الله سبحانه وتعالى وأخزاه كما حصل لمسيلمة الكذاب الذي زعم أنه ينزل عليه قرآن، فضحه الله وأخزاه وصار مَضحكة للعالم، وكذلك كل من حاول أن يحاكي القُرْآن فإن الله جل وعلا يفضحه ويخزيه ويجعله مَضحكة للنَّاس، بل يهلكه كما حصل لمسيلمة وغيره.

«مُحكَمات» يعني: مُتقَنات، من الإحكام، وهو الإتقان، القُرْآن كله مُحكَم بمعنى أنه مُتقَن: ﴿كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ [هود: 1] فهو كله مُحكَم بمعنى أنه مُتَقن، وكله متشابِه بمعنى أنه يشبه بعضه بعضًا في الحسن والصدق وحلاوة اللفظ، كما قال الله تعالى: ﴿ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا [الزمر: 23] يعني: يشبه بعضه بعضًا في الحسن والإتقان والفصاحة والبلاغة.

ومنه مُحكَم ومنه متشابِه، والمراد الإحكام الجزئي والتشابه الجزئي، والمُحكَم - كما عرفنا سابقًا - هو الذي لا يحتاج في تفسيره إلى غيره؛ لأنه واضح في نفسه، والمتشابِه: هو اللفظ المُجمل الذي يحتاج في تفسيره إلى غيره، قال الله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ [آل عمران: 7].


الشرح