«وعمل
بالجوارح»: يعني بالأعضاء بأن تتحرك الأعضاء في العبادة والطَّاعَة وترك المعصية
والانكفاف عن المعاصي، فليس الإِيمَان مجردَ قولٍ باللسان، وليس هو مجرد عقيدة
بالقلب فقط، وليس هو مجرد عمل بدون عقيدة وبدون قول، بل لا بُدَّ من الأمور
الثلاثة مرتبطًا بعضها ببعض.
«يزيد بالطاعات»: كلما فعل الإِنسَان طاعةً زاد إِيمَانه «وينقص بالمعصية»: كلما حصل من الإِنسَان معصية نقص إِيمَانه، والدليل على النقصان والزيادة من القُرْآن قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال: 2] فدلت الآية على أن الإِيمَان يزيد، إذا سمع الإِنسَان القُرْآن زاد إِيمَانه، وإذا بَعُدَ عن القُرْآن نقص إِيمَانه. ﴿وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهۡتَدَوۡاْ هُدٗىۗ﴾ [مريم: 76] ﴿وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ فَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَٰذِهِۦٓ إِيمَٰنٗاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَهُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ﴾ [التوبة: 124]، كلما نزلت سورة من القُرْآن زاد إِيمَانهم ﴿وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ﴾ [التوبة: 125] أي: نفاق وشكّ ﴿فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ﴾ [التوبة: 125]؛ لأنهم لا يؤمنون بالقُرْآن، وكلما زاد القُرْآن زاد الشك في قلوبهم، كل ما زاد القُرْآن زاد الشك والريب في قلوبهم والعِيَاذ باللهِ. ومما يدل على أن الإِيمَان يزيد قوله تعالى: ﴿وَيَزۡدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِيمَٰنٗا وَلَا يَرۡتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [المدثر: 31] لما أخبر الله عن خزنة جهنم، وأن عليها تسعةَ عشَرَ، ووافق هذا ما في الكتب السابقة أن خزنةَ النَّار تسعةَ عشَرَ من الملاَئكَة - زاد إِيمَانهم ﴿وَلَا يَرۡتَابَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ