الحمية لأديانهم
الباطلة، كما قال أبو طالب عند وفاته: هو على ملة عبد المطلب، لما عرض عليه
النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: لا إله إلاَّ الله، فقال له نفر من الكفار
كانوا حاضرين عنده: أترغب عن مِلّة عبد المطلب؟ فأخذته الحمية - والعِيَاذ باللهِ
- فقال: هو على ملة عبد المطلب ([1])، وَأَبَى أن يقول:
لا إله إلاَّ الله، ومات على ذلك وهو يعرف أن مُحمَّدا رسول الله، ولهذا يقول في
شعره:
ولقد علمت أَنَّ دين
مُحمَّد *** من خير أديان البرية دينا
لوْلا الملامة أو
حِذارُ مسبة *** لوَجَدْتَنِي سمحًا بذاك مبينا
ما منعه إلاَّ خوف
الملامة والمسبة من النَّاس، وحملته الحمية الجاهلية على البقاء على الكفر، مع أنه
يـعرف أن مُحمَّدا رسـول الله، ومـات كافرًا - والعِيَاذ باللهِ - ولما هَمَّ
النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له، قال الله تعالى له: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ
وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ وَلَوۡ كَانُوٓاْ
أُوْلِي قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ
ٱلۡجَحِيمِ﴾ [التوبة: 113] فليس الإِيمَان مجرد التصديق بالقلب؛ لأن كثيرًا
من الكفار يصدقون بقلوبهم، ولكن أنكروا من باب الجحود والعناد والاستكبار.
القول الثالث: قول اللذين يقولون: إن الإِيمَان تصديقٌ بالقلب، ونطق باللسان. وهَؤُلاءِ مرجئة الفقهاء، ومنهم الحنفية، يقولون: الإِيمَان نطق باللسان، واعتقاد بالقلب، ولا يجعلون الأَعمَال من الإِيمَان.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1360)، ومسلم رقم (24).
الصفحة 6 / 304