×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

 وينقص، ويقوى ويضعف، ويكمل ويقل، فليس على حد سواء هذا مذهب أهل السنة والجماعة خلافًا للمرجئة، والمرجئة سُمّوا مرجئة من الإرجاء، وهو التأخير، أخروا الأَعمَال عن مسمى الإِيمَان، فقالوا: الإِيمَان هو مجرد التصديق بالقلب فقط، وأهله في أصله سواء عندهم لا يتفاضلون. والمرجئة فرق كل فرقة لها قول، القول الأول: قول الذين يقولون: الإِيمَان مجرد المعرفة في القلب، وهذا قول الجهمية، فإذا عرف الإِنسَان ربه يكون مؤمنًا. وعلى هذا يكون إبليس مؤمنًا لأنه يعرف ربه!! ﴿قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي [الحجر: 39] وفرعون مؤمن، ويكون سائر الكفرة مُؤْمنِين عند هَؤُلاءِ؛ لأنهم يعرفون ربهم في قلوبهم، لكنهم أنكروه في ظواهرهم تكبرًا وعنادًا، فما هناك أحد لا يعرف ربه أبدًا. وإنما يجحده وينكره من باب الاستكبار والعناد. هذا أخبث الأقوال، وعلى هذا لا يكون على وجه الأَرض كافر عندهم.

القول الثاني: إن الإِيمَان هو التصديق بالقلب، لا يكفي المعرفة بل لا بُدَّ من التصديق بالقلب، وهذا قول الأشاعرة، وهذا غير صحيح؛ لأن الكفار يصدقون بقلوبهم، كما قال الله جل وعلا: ﴿فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ[الأنعام: 33] وقال جل وعلا: ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ [النمل: 14] فالكفار يصدقون بالرَّسُول صلى الله عليه وسلم في قلوبهم ويعرفون أنه رسول الله، ولكنهم أَبَوْا الاعتراف برسالته؛ تَكُبّرًا وعنادًا، وحفاظًا على شرفهم - بزعمهم - ومكانتهم بين النَّاس. هذا هو الذي حملهم، أو لأجل


الشرح