×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

ليس بمؤمن، فدل علي أن الإِيمَان يَقْوَى، ويضعف، ويزول بالكلية، كما في رواية: «وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِْيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ»، فهذا دليلٌ على أن الإِيمَان ينقص، ويصير إلى أضعف شيء.

ومنه قوله تعالي: ﴿هُمۡ لِلۡكُفۡرِ يَوۡمَئِذٍ أَقۡرَبُ مِنۡهُمۡ لِلۡإِيمَٰنِۚ [آل عمران: 167]، ضعُف الإِيمَان في قلوبهم، وعظم ذلك في قلوبهم حتَّى صاروا أقرب إلى الكفر، فلم يبق إلاَّ شيء يسير، فدلّ على أن الإِيمَان يضعف حتَّى يصيرَ قريبًا من الكفر.

وكذلك في حديث الشَّفاعَة، أن الله جل وعلا يوم القِيَامة يقول: «أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» ([1]) فدل على أن الإِيمَان يضعف حتَّى يكون بمثقال حبة الخردل، وهي أصغر شيء، فالإِيمَان يضعف حتَّى يصير مثل حبة الخردل في القلب، فهو يوجب لصاحبه الخروج من النَّار يوم القِيَامة، وهذا يدل على فضل الإِيمَان، وأنه وإن ضعف جدًا فإن صاحبه لا يُخلد في النَّار. فدل على أن الإِيمَان يضعف إلي هذا الحد. ولا شك أن إِيمَان النَّاس ليس على حد سواء، فإِيمَان أبي بكر الصديق رضي الله عنه يعدل إِيمَان الأمة كلها، فلا يستوي إِيمَان أبي بكر وإِيمَان الفاسق من المُسْلمِين، هذا شيء معروف، والذي يقول: إن الإِيمَان هو التصديق، وهو في القلب، وهو لا يتفاضل - هذا قول المرجئة. وعندهم أن إِيمَان أبي بكر وإِيمَان أفسق النَّاس سواء، وهذا غلط كبير؛ الإِيمَان في القلوب ليس على حد سواء، يزيد


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (22)، ومسلم رقم (184).