×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ، أَوْ خَرْدَلَةٍ، أَوْ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ» فجعله متفاضلاً».

****

أخبر النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه يُخرَج من النَّار يوم القِيَامة من قال: لا إله إلاَّ الله ([1]) مع إِيمَان قلبه بمعناها، وتيقنه بمدلولها، ويخرج من النَّار من في قلبه مثقال حبة من إِيمَان، وهو متيقن لمعنى هذه الكلمة، بخلاف الذي يقولها بلسانه وهو لا يعتقد معناها، كالمنافقين، فإنها لا تنفعهم. وفي هذا رد على من يقول: إن الإِيمَان هو قول باللسان. وفيه رد على من يرى أن الإِيمَان هو التصديق فقط، وأنه شيء واحد، لا يزيد ولا ينقص؛ لأن الله تعالى يقول للرسول صلى الله عليه وسلم «أَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» ([2])، وهذا دليل على أن هذا إِيمَان ضعيف، ولكن لمّا اجتمع مع قول «لا إله إلاَّ الله»، واعتقاد معناها نفع ذلك صاحبه وأخرجه من النَّار بعد الدخول فيها؛ لأنه لا يُخلد في النَّار إلاَّ أَهْل الشِّركِ والكفر بالله عز وجل، وأما أَهْل الإِيمَان - وإن كان إِيمَانهم ضعيفًا جدًا، وإن دخلوا النَّار بذنوبهم - فإنهم لا يُخلّدون فيها، بل يُخرجون منها بإِيمَانهم.

والشاهد من الحديث - كما ذكر المؤلف - أن الإِيمَان يضعف حتي يكون بمقدار حبة خردل، ردًا علي الذين يقولون: أن الإِيمَان شيء واحد لا يتفاوت وهو عمل قلبي فقط.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (44)، ومسلم رقم (193).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (7510)، ومسلم رقم (193).