هذا كله أخبر الله
عنه؛ فيجب الإِيمَان به، وهو غيب ماض.
وكذلك الغيوب
المستقبلة مثل أشراط السَّاعَة، وما يكون قبل قيام السَّاعَة وما يكون في آخر
الزَّمان، وكذلك الإِيمَان بعذَاب القَبْر ونعيمه، وما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم
من ذلك، كذلك الإِيمَان باليوم الآخر وما يكون فيه، والإِيمَان بالبعث والنشور
والإِيمَان بالجنة والنَّار، كل ذلك داخل في الإِيمَان بالغيب، بل الإِيمَان بالله
جل وعلا داخل في الإِيمَان بالغيب لأننا لم نر الله جل وعلا وإنما آمنا به
اعتمادًا علي آياته الكونية وآياته القُرْآنية، وأخبار رسله عليهم الصَّلاة
والسَّلام.
نحن نؤمن بالله
وأسمائه وصفاته ووجوب عبادته اعتمادًا على الأخبار الصادقة، والآيات البينة،
والبراهين الساطعة أمام أعيننا مما نشاهد من خلق الله، وملكوت الله سبحانه وتعالى،
وأن هذا الكون لا يمكن أن يكون أوجد نفسه، أو أن يكون أحد أوجده غير الله سبحانه
وتعالى، ﴿أَمۡ
خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ ٣٥ أَمۡ خَلَقُواْ
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ﴾ [الطور: 35- 36] من هو الذي ادعى
أنه خلق ذرة أو خلق حبة أو خلق شعيرة أو خلق شيئًا من السَّموَات والأَرض؟ ما أحد
ادعى هذا من الكفار مع شدة كفرهم وعنادهم، لا يستطيعون أن يدعوا أنهم خلقوا شيئًا ﴿أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ
مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمۡ ءَاتَيۡنَٰهُمۡ
كِتَٰبٗا فَهُمۡ عَلَىٰ بَيِّنَتٖ مِّنۡهُۚ﴾ [فاطر: 40] فالله جل وعلا
يتحدّاهم، فيقول: هَؤُلاءِ الذين تعبدونهم من دون الله أروني ماذا خلقوا من
الأَرض، ما أحد ادعى أن معبوده خَلَقَ شيئًا؛ لأنه لا يمكنه أن يدّعيَ هذا أبدًا.
والله جل وعلا أخبر أنه خلق
الصفحة 3 / 304