وكان
يقظة لا منامًا، فإن قريشًا أنكرته، وأكبرته، ولم تكن تنكر المنامات.
****
صاحبك يقول كذا،
ويزعم أنه راح لبيت المقدس، وصَعِد إلى السَّمَاء وجاء في ليلة واحدة. قال: إن كان
قد قاله فهو كما قال، أنا أصدقه في خبر السَّمَاء أفلا أصدقه في هذا؟
وأما ضِعاف
الإِيمَان والكفار فإنهم اتخذوا من هذه الحادثة وسيلةً للتهكم بالرَّسُول صلى الله
عليه وسلم، ومن ضِعاف الإِيمَان من ارتد عن الإِسْلاَم، والكفار فَرِحُوا بذلك.
ولكن الإِسرَاء والمِعرَاج حق، وهو معجزة من معجزات الرَّسُول صلى الله عليه وسلم،
وهو من أعظم ما أكرم الله به هذه الأمة المحمدية؛ فالإِيمَان به واجب، وكان يقظة
لا منامًا؛ لأن المنام لا أحد ينكره، قريش لا تنكر الرؤيا، فلو كان رؤيا ما أنكرته
قريش؛ لأنها تصدق بالرؤيا، وأيضًا يقول الله جل وعلا: ﴿أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ﴾ [الإِسرَاء: 1] والعبد إنما يكون
لمجموع الروح والجسد، فالروح وحدها لا تُسمّى عبدًا، والجسد وحده لا يسمى عبدًا،
وإنما مجموع الروح والجسد هو العبد.
لأنه لو كان منامًا
لم تنكره قريش ولا أحد ينكر الرؤيا، فهو ليس رؤيا، نعم حصل للنبي صلى الله عليه
وسلم رؤيا لكن في غير الإِسرَاء والمِعرَاج، في قصة أخرى.
«لا تنكر الرؤيا»، لا أحد ينكر الرؤيا من المُؤْمنِين أو من الكفار؛ لأنها أمر واقع.
الصفحة 5 / 304