×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

مثل حديث الإِسرَاء والمِعرَاج

****

من الأخبار التي أخبرنا الله عنها ورسوله الإِسرَاء والمِعرَاج، قال الله جل وعلا: ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ [الإسراء: 1] يعني من مكَّة المشرفة ﴿إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا [الإِسرَاء: 1] في فلسطين ﴿ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ [الإِسرَاء: 1]، وبين مكَّة وفلسطين مسافة تقطعها الإبل في شهر، والرَّسُول صلى الله عليه وسلم أُسري به في ليلة واحدة، وعاد صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة. جاءه جبْرِيل عليه السلام وهو نائم في مكَّة، وحمله على البراق «دابّة يركبها الأَنبِيَاء»، وذهب به إلى بيت المقدس، وخَطْوُها عند مدُّ بصرها، ثم إنه صلى بالأَنبِيَاء في بيت المَقْدس، ثم إنه عُرج به، يعني: صُعد به، إلى السَّمَاء بروحه وبجسمه، يقظةً لا منامًا. وهذا من آيات الله سبحانه وتعالى، ومن معجزات الرَّسُول صلى الله عليه وسلم. والمِعرَاج مذكور في أول سورة النجم، والإِسرَاء مذكور في أول سورة بني إسرائيل ﴿سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ [الإِسرَاء: 1] والسُّرى هو السير ليلاً.

والله جل وعلا يقول في الإِسرَاء ﴿لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ [الإِسرَاء: 1]، فأراه من آياته في هذه الليلة الشَّيء العجيب في ملكوت السَّموَات والأَرض، ورأى الجنة والنَّار، ورأى أهل النَّار فيها، ورأى أهل الجنة فيها، وكلمه الله من وحيه بما شاء، وفرض عليه الصلوات الخمس من فوق سبع سماوات، ثم نزل صلى الله عليه وسلم إلى الأَرض، ثم جاء إلى مكَّة في ليلة واحدة، فأصبح يخبر النَّاس.

فأَهْل الإِيمَان ازدادوا إِيمَانا؛ لأنهم صدقوه من الأول، وما داموا آمنوا أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم لا يكذبونه، ولهذا لمّا قيل لأبي بكر: إن


الشرح