×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

 بالأحلام المزعجة والمُنَغّصات في نومه. وهذا إلى جانب هذا، ولا هذا يُحِسّ بهذا ولا هذا يُحِسّ بهذا. فإذا كان هذا في أمور الدُّنيَا فكيف بأمور الآخِرَة التي لا يعلمها إلاَّ الله؟! كذلك الأَموَات: منهم من هو في نعيم، ومنهم من هو في عذَاب. وإن كان بعضهم إلى جانب بعض، فلا هذا يُحِسّ بنعيم هذا ولا هذا يُحِسّ بعذَاب هذا، كلٌّ يتعلق به حكمه. هذه قدرة الله جل وعلا التي لا يعجزها شيء. والله حجب عنا أمور الآخِرَة. وعذَاب القَبْر من أمور الآخِرَة، وإنما نحن نؤمن به بِناءً على خبر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، فنؤمن أن الميت يُعذَّب أو يُنعَّمُ وإن كنا لا نُحِسّ بهذا ولا نراه، وفي حجبه عنا رحمة بنا. يقول صلى الله عليه وسلم: «لَوْلاَ أَنْ لاَ تَدَافَنُوا لَسَأَلْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ أَهْلِ الْقُبُورِ مَا أَسْمَعَنِي» ([1]) فالله جل وعلا حجب هذا عنا رحمة بنا.

فالميت يُضرب في قَبْره؛ فيصيح صيحة يسمعها كلُّ شيء إلاَّ الثقلين، ولو سمعها الإِنسَان لصَعِقَ. يعني: لمات. فمن رَحمَة اللهِ أن حجب هذا عنا، ولا نسمعه ولا نراه رحمة بنا. فأمور الآخِرَة لا تقاس بأمور الدُّنيَا. وأول أمور الآخِرَة عذَاب القَبْر، فهو أول منزل من منازل الآخِرَة، وما يجري فيها فهو من عالم الغيب الذي لا يعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2867).