وأشباه
ذلك مما صح به النقل.
****
كما أخبر الله، وكما أخبر الرَّسُول، وكما هو
المشاهد المحسوس، فهي تطلع من المشرق وتغيب في المغرب كما قال إِبرَاهِيم عليه
السلام للنمرود: ﴿فَإِنَّ
ٱللَّهَ يَأۡتِي بِٱلشَّمۡسِ مِنَ ٱلۡمَشۡرِقِ فَأۡتِ بِهَا مِنَ ٱلۡمَغۡرِبِ﴾ [البقرة: 258] لما ادّعى أنه
يُحيي ويميت، وأنه ربٌّ، قال له هذه المعجزة العظيمة التي بهتته: إن الله يأتي
بالشمس من المشرق، إن كنت كما تزعم أنك ربّ فائت بها من المغرب، اعْكِس ما أراده
الله سبحانه وتعالى، ﴿فَبُهِتَ
ٱلَّذِي كَفَرَۗ﴾ [البقرة: 258]؛ لأنه لا يستطيع هذا، ولا يقدر على هذا إلاَّ
الرب سبحانه وتعالى. فسُنّة الله في الشمس أنها تأتي من المشرق وتغرب في المغرب،
يعني تدور على الأَرض، وإذا كانت في جانب أضاءته وصار نهارًا، وإذا غابت عن ذلك
الجانب صار ليلاً، إلى أن تدور مرة ثانية. وهكذا يتعاقب الليل والنهار؛ بِناءً على
دوران الشمس على الأَرض، قدرة الله سبحانه وتعالى. فإذا اختل نظام هذا الكون وأراد
الله خراب هذه الدُّنيَا انعكس سير الشمس فصارت تخرج من المغرب، فإذا طلعت من
المغرب فهذا دليل على قرب السَّاعَة، وعلى خراب هذا النظام الكوني، وقيام
السَّاعَة وانتهاء الدُّنيَا وحلول الدار الآخِرَة.
وأشباه هذه الأخبار التي ذكرها المصنف نماذج من أشراط السَّاعَة «مما صح به النقل» هذا شرط لا بُدَّ منه، هذه الأمور الغيبية لا تثبت إلاَّ بدليل صحيح، أمّا الدليل الضعيف والدليل الذي لا يبلغ درجة الصحة فهذا لا يعتمد عليه في عقيدة المسلم، وإنما يُعتمد على الأدلة الصَّحِيحة. وسواء كانت متواترة أو آحادًا، هذا اعتقاد أهل السنة، أنهم
الصفحة 6 / 304