×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

فيقفون في موقف القِيَامة، حتَّى يشفع فيهم نبيُّنا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم .

****

 يطول وُقوفُهم في هذا المحشر، وتدنو منهم الشمس، ويتصبب منهم العرق، ويأخذ من كل واحد منهم بحسب أَعمَاله، فيصيبهم الحرُّ الشديدُ، والضّنْكُ الشديد، والتعب الشديد من طُولِ الموقف، خمسين ألف سنة، عند ذلك يتراجعون فيما بينهم، فيما يخلصهم من هذا الموقف الذي طال زمنُه واشتد حالُه، فيقولون: ليس لكم إلاَّ الشَّفاعَة، لا بُدَّ من أحد يشفع لكم عند ربكم في أن يخلصكم من هذا الموقف. فيذهبون إلى آدم أبي البشر، فيطلبون منه الشَّفاعَة إلى ربهم - وطلب الشَّفاعَة من الحي القادر لا بأس به أن تطلب منه أن يشفع لك عند ربك، بمعنى أن يدعو لك عند ربك، وطلب الدُّعَاء شفاعة - فيعتذر آدم عليه السلام، ويذهبون إلى نوح أول الرُّسل فيعتذر، ويذهبون إلى مُوسَى فيعتذر، ويذهبون إلى عِيسَى فيعتذر، ويذهبون إلى إِبرَاهِيم عليه السلام فيعتذر، ويذهبون في النِّهايَة إلى مُحمَّد صلى الله عليه وسلم خاتم النَّبيين، فهم طلبوا الشَّفاعَة من أُولي العزم الخمسة: آدم ونوح وإِبرَاهِيم ومُوسَى وعِيسَى ومحمد صلى الله عليهم وسلم. فالنَّبي مُحمَّد صلى الله عليه وسلم يقول: «أَنَا لَهَا» ([1]) فيقبل الشَّفاعَة لهم عند الله، لكنّه لا يشفع عند الله ابتداءً إلاَّ بإذن الله جل وعلا لأن الله جل وعلا لا يشفع أحد عنده إلاَّ بإذنه، فيَخِرُّ ساجدًا، ويدعو ربه ويتضرع إليه، حتَّى يُؤمَرَ برفع رأسه، ويُقال له: سل تُعط. فيشفع للخلائق في فصل القَضَاء بينهم، فيقبل الله شفاعته، ثم


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7510)، ومسلم رقم (193).