يأتي سبحانه وتعالى لفصل القَضَاء بين عباده، يأتي بذاته سبحانه مَجِيئًا حقيقيًّا كيف يشاء لفصل القَضَاء بين عباده، كما قال تعالى: ﴿كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا ٢١ وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا﴾ [الفجر: 21- 22]، جاء لفصل القَضَاء بين عباده. وكما في قوله سبحانه: ﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ﴾ [البقرة: 210] هذا مجيء الله وإتيانه لفصل القَضَاء بين عباده، مجيئًا وإتيانًا يَلِيقان به سبحانه وتعالى وبعظمته، نُثْبتُهما لله كما أثبتهما لنفسه، ولا نُؤول ونقول: يأتي أمره؛ لأن هذا تأويل باطل، بل يأتي هو بذاته سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله كيف يشاء سبحانه، أما الكيفية نحن لا نتعرض لها كيف يجيء، وكيف يأتي، لكن نثبت المجيء ونثبت الإتيان لله جل وعلا وأنه بالذَّات كما أخبر الله بذلك عن نفسه سبحانه وتعالى، فيفصل بين عباده. «حتَّى يشفع فيهم نبينا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم »، وهذه هي الشَّفاعَة العظمى، النَّبي صلى الله عليه وسلم له شفاعات كثيرة، منها ما هو خاصٌّ به، ومنها ما هو مشترك بينه وبين الأَنبِيَاء والصَّالِحين، ومن الشفاعات الخاصة به الشَّفاعَة العظمى، وهي الشَّفاعَة في أهل الموقف، هذه خاصة به صلى الله عليه وسلم، وهي المقام المحمود الذي ذكره الله بقوله: ﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا﴾ [الإسراء: 79] سُمّيَ بالمقام المحمود؛ لأنه يحمده عليه الأولون والآخرون عليه الصلاة والسلام. هذه الشَّفاعَة العظمى وتأتي بقية أنواع الشفاعات.