تعالى في الجنة: ﴿أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133]، وقال في النَّار: ﴿أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 24] ومعنى أعدت: أنها مخلوقة
وموجودة، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَا تَجِدُونَهُ مِنْ شِدَّة
الْحَرِّ شِدَّةِ الْبَرْدِ مِنْ أَنْفَاسِ جَهَنَّمَ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ
مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» ([1]) فدل على أنها
موجودة، وأن الله جعل لها نفسين: نفسًا في الشتاء وهو ما يجده النَّاس من شدة
البرد، ونفسًا في الصيف وهو ما يجده النَّاس من شدة الحر. وكان صلى الله عليه وسلم
جالسًا في أصحابه فسمعوا وَجْبَة، يعني: سمعوا شيئًا سقط، فقال: «أَتَدْرُونَ
مَا هَذَا؟» قالوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «إِنَّه لحجَرٌ
رُمِيَ بِهِ مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، فَالآْنَ وَصَلَ
إِلَى قَعْرِهَا» ([2]) فدل على أن النَّار
موجودة الآن والجنة كذلك، وأن الميت إذا وضع في قَبْره يأتيه من نعيم الجنة أو
يأتيه من عذَاب النَّار فدل على أنهما موجودتان، يُفتح له باب من الجنة، أو يفتح
له باب من النَّار، فدل على أنهما موجودتان، فيجب الإِيمَان بذلك، أنهما موجودتان
الآن، وأن القول بأنهما تُخلقان يوم القِيَامة قول باطل.
وكذلك الجنة والنَّار لا تفنيان ولا تبيدان أبدًا، فهما موجودتان في الماضي، ويستمر وجودهما إلى الأبد، لا تفنيان ولا تبيدان، وأهلهما مخلدون فيهما، أهل الجنة مخلدون في الجنة، وأهل النَّار مخلدون في النَّار.