في وقته ولم يره،
كالنجاشي رحمه الله فإنه آمن بالرَّسُول صلى الله عليه وسلم واتبعه ولكن لم ير
النَّبي صلى الله عليه وسلم فلا يسمى صحابيًّا، وإنما يكون من التابعين، وكذلك من
لقيه ولم يؤمن به عليه الصلاة والسلام، وذلك كسائر الكفار الذين رأوا النَّبي صلى
الله عليه وسلم واجتمعوا به ولكنهم لم يؤمنوا به، فمجرد لقيا النَّبي صلى الله
عليه وسلم لا يكفي، لا بُدَّ من الإِيمَان به ومات على ذلك، يخرج بذلك من لقيه
وآمن به ثم ارتد ومات على الردة فإنه تبطل صحبته وتبطل جميع أَعمَاله: ﴿وَمَن يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ
عَن دِينِهِۦ فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي
ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا
خَٰلِدُونَ﴾ [البقرة: 217].
ولهذا يُذاد أقوام
عن حوضه صلى الله عليه وسلم إذا وردوا فيقول: «يَا رَبِّ، أَصْحَابِي
أَصْحَابِي» فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَاذا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ!
إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا بَعْدَكَ مُرْتَدِّينَ عَلَى أَدْبَارِهِم ([1]). فمن ارتد عن
الإِسْلاَم بطلت صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم وبطلت جميع أَعمَاله إلاَّ أن
يتوب إلى الله سبحانه وتعالى.
فصحابة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم هم الذين لقوه مُؤْمنِين به، وثبتوا على ذلك إلى وفاتهم، هَؤُلاءِ هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أفضل أصحاب الأَنبِيَاء وأتباع الأَنبِيَاء، وذلك لفضل نبيهم مُحمَّد صلى الله عليه وسلم ولفضل هذه الأمة على النَّاس، قال عليه الصلاة والسلام: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» ([2]) فجعل قرنه صلى الله عليه وسلم خير القرون، وهذا يشمل الأولين والآخرين.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6576)، ومسلم رقم (2297).