ويصبرن على الفقر والفاقة والشدة في المعيشة،
فاخترن الله ورسوله والدار الآخِرَة وصبرن على واقعهن، فجزاهن الله بهذا الجزاء
أنهن زوجاته في الدُّنيَا والآخِرَة، وقصَر نبيه صلى الله عليه وسلم عليهن: ﴿لَّا يَحِلُّ لَكَ
ٱلنِّسَآءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَآ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَۗ
وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ رَّقِيبٗا﴾ [الأحزاب: 52] فلما اخترن الله ورسوله والدار الآخِرَة قصَر
الله رسوله عليهن وجعلهن زوجاته في الآخِرَة - رضي الله تعالى عنهن -.
أما من ناحية الحجاب
ومن ناحية عدم المحرمية وتحريم الخلوة فهن كسائر نساء المُسْلمِين أجنبيات، ولذلك
أمرهن الله بالحجاب: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ
عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ﴾ [الأحزاب: 59] أمرهن الله بالحجاب عن رجال
الأمة مع أنهن أمهاتهم، لكن دل على أن هذا ليس في المحرمية، لسن أمهاتهن في
المحرمية، ولا في ترك الحجاب ولا في الخلوة، فإنهن في هذه الأمور كسائر نساء
المُسْلمِين مأمورات بالحجاب ومنهيات عن الخلوة مع أحد.
وأولهن: خديجة بنت خويلد -
رضي الله تعالى عنها - تزوجها في مكَّة قبل البعثة، ثم أنزل الله عليه القُرْآن
وبعثه وهي معه، ولما وجد النَّبي صلى الله عليه وسلم من نزول الملَك عليه والوحي
عليه في أول مرة، لما وجد شيئًا من الشدة عليه وتخوف صلى الله عليه وسلم على نفسه؛
لأنه وجد شيئًا لم يعهده ولا يعرفه فتخوف، فذكر ذلك لها، قال: «قَدْ خَشِيتُ
عَلَى نَفْسِي». قَالَتْ: كَلاَّ، وَاللهِ لاَ يُخْزِيكَ اللهُ، إِنَّكَ
لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ،