×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

كتاب الله وسنة رسوله؛ لأنها لم يُنص عليها، أما المنصوص عليها فهذه ليس فيها كلام، كتحريم الربا، وتحريم الزنا، وتحريم الخمر، وتحريم المسكرات، وتحريم قطيعة الرحم، هذه منصوص عليها لا تحتاج إلى اجتهاد، ومجالها التسليم، هناك نص على حكمها، ليس لنا مجال فيه، المباحات نص الله عليها: ﴿وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ [البقرة: 275] البيع ليس فيه مجال للاختلاف؛ لأن الله نص على حله، والأصل في الأشياء الإباحة إلاَّ ما دل الدليل على منعه من الكتاب والسنة، ومجال الفقهاء ومجال المجتهدين في المسائل الفرعية التي لم ينص على حكمها، ولذلك اختلفوا في اجتهاداتهم، وتكونت في ذلك مذاهب، من ذلك المذاهب الأربعة: مذهب أبى حنيفة، ومذهب مالك، ومذهب الشافعي، ومذهب أحمد، بمعنى أن كل واحد من هَؤُلاءِ الأَئمَّة له طريقة في الاجتهاد والاستنباط، وكلهم يقصد الحق، ويقصد الدليل، ولا يجوز للعالم أن يقلد غيره مادام عنده تمكن من معرفة الدليل بنفسه والبحث عن الحكم فإنه يجتهد حسب طاقته، ولا يقلد أحدًا، إنما التقليد للعامي والمبتدئ، أما العالم المدرك فهذا يجب عليه أن يجتهد، وما يتوصل إليه اجتهاده يعمل به، فإن أصاب فله أجران: أجر الإصابة، وأجر الاجتهاد، وإن أخطأ فله أجر واحد، وهو أجر الاجتهاد، ويغفر الله له الخطأ، ولكن لا يجوز لنا أن نتبعه على هذا الخطأ.

هذا الاجتهاد محمود، والاختلاف فيه ليس مذمومًا؛ لأنه نتيجة اجتهاد وطلب للحق، لا نتيجة هوى، أما إذا كان الاختلاف نتيجة هوى


الشرح