باب: استقبال القبلة
قال رحمه الله: «باب استقبال القبلة»؛ يعني: في الصلاة، المراد بالقبلة الكعبة المشرفة، واستقبال القبلة في الصلاة شرط من شروط صحة الصلاة؛ لقوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥ﴾ [البقرة: 150]، في ثلاث آياتٍ متقاربات في سورة البقرة، هذا أمر من الله سبحانه وتعالى، مكرر للتأكيد لاستقبال القبلة، سواء كان المصلي عندها يراها، أو كان بعيدًا عنها، لا يراها في أي مكانٍ من الأرض؛ المشرق، أو المغرب، أو الشمال، أو الجنوب، فإنه يتوجه في الصلاة إلى الكعبة، إلاَّ في الأحوال المستثناة -كما يأتي-، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرضت عليه الصلاة، كان يستقبل بيت المقدس؛ بقاءً على الأصل؛ لأن الأنبياء من بني إسرائيل يصلون إلى بيت المقدس، فاستقبله النبي صلى الله عليه وسلم؛ بقاءً على هذا الأصل، إلاَّ أنه كان يجب أن يستقبل الكعبة؛ لأنها قبلة إبراهيم صلى الله عليه وسلم؛ ولأنها أول بيتٍ وضع للناس، فكان صلى الله عليه وسلم يحب أن يستقبل الكعبة، لكنه لم يؤمر بذلك، فلما كان في مكة، كان يجعل الكعبة بينه وبين الشام، ويصلي بين الركنين اليمانيين، فيكون مستقبلاً للكعبة، ومستقبلاً لبيت المقدس؛ لأن الصلاة فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة قبل الهجرة، فلما هاجر إلى المدينة، استمر صلى الله عليه وسلم يصلي إلى بيت المقدس، ولكن لا يتمكن أن يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس؛ لأنه يقع عنها شمالاً، فتكون خلف ظهره، فكان يصلي إلى بيت المقدس، وكان يجب أن يوجه وجهه إلى
الصفحة 1 / 670