×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

باب: الاعتكاف

الاعتكاف في اللغة: البقاء في المكان، البقاء في المكان يسمى اعتكافًا، سواء كان ذلك مشروعًا أو محرمًا، كله يسمى اعتكافًا، فالمشركون يعكفون على معبوداتهم، وهو عكوف محرم، بمعنى أنهم يقيمون عندها؛ كما قال إبراهيم عليه السلام لقومه: ﴿مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ [الأنبياء: 52]، يعكفون عندها، كما قال تعالى: ﴿وَجَٰوَزۡنَا بِبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتَوۡاْ عَلَىٰ قَوۡمٖ يَعۡكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصۡنَامٖ لَّهُمۡۚ [الأعراف: 138]؛ يعني: يقيمون عندها تعظيما لها، وعبادة لها، فهذا اعتكاف شركي محرم، وأما الاعتكاف المشروع، فهو الاعتكاف في المساجد طاعة لله سبحانه وتعالى.

والاعتكاف الشرعي: هو اللبث في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة من أجل العبادة والتفرغ للعبادة، وهو مشروع وعبادة عظيمة، قال تعالى: ﴿وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ [البقرة: 187]، وقد اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم، وداوم على الاعتكاف في رمضان، حتى توفاه الله، واعتكف أزواجه من بعده، فسنة الاعتكاف باقية؛ لأنها عبادة لله عز وجل. قال تعالى: ﴿وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ [البقرة: 187]، وقال تعالى: ﴿أَن طَهِّرَا بَيۡتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلۡعَٰكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ [البقرة: 125]، فجعل الاعتكاف مع الطواف بالبيت والركوع والسجود، فهو عبادة عظيمة، خصوصًا الاعتكاف في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، وكذلك الاعتكاف في بقية مساجد المسلمين في أقطار الأرض.


الشرح