×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

باب: النهي عن الكلام  في الصلاة

عن زيد بن أرقم قال: «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلاَةِ حَتَّى نَزَلَتْ ﴿وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ [البقرة: 238] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلاَمِ»([1]).

 

هذا الحديث فيه: أنهم كانوا في أول الإسلام يتكلمون في الصلاة، يجوز لهم أن يتكلموا في الصلاة، وأن يردوا السلام لمن سلم عليهم، ويسأل بعضهم بعضًا في الصلاة، ثم لما أنزل الله قوله تعالى: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ [البقرة: 238]، والقنوت في هذا الموضع السكوت، القنوت له عدة معان؛ يطلق ويراد به: السكوت، ويطلق ويراد به: المداومة على العبادة، المداومة على العبادة يسمي قنوتًا، وطول القيام في الصلاة يسمى قنوتًا، ويطلق القنوت ويراد به: الدعاء الذي في الوتر؛ لأن الدعاء الذي في الوتر يسمى قنوتًا، والمراد منه هنا: السكوت؛ «فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلاَمِ»، فدل على تحريم الكلام في الصلاة، وأنه إذا كان الكلام عمدًا، يبطلها، إلاَّ إذا كان لمصلحتها؛ كما سبق في حديث ذي اليدين، إذا كان الكلام لمصلحتها، فإنه لا يبطلها، أما إذا كان عمدًا، ولغير مصلحتها، فإنه يبطل الصلاة، «فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلاَمِ»، فدل على أن الكلام من مبطلات الصلاة، إلاَّ إذا كان في حالة مصلحتها.

*****


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (536)، ومسلم رقم (615).