×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

باب: الصفوف

لما كانت صلاة الفريضة تجب لها الجماعة؛ كما سبق في باب وجوب صلاة الجماعة، والجماعة يكونون صفوفًا خلف الإمام، ناسب أن يذكر الأحاديث المتعلقة بأحكام الصفوف، أحكام الصفوف أي: في الصلاة، وسيذكر بعده الأحاديث المتعلقة بالإمام، فهذا تابع لصلاة الجماعة، هذه الأبواب تابعة لصلاة الجماعة، فالصفوف في الصلاة مأمور بها؛ لأن الملائكة يصفون عند الله سبحانه وتعالى: ﴿وَٱلصَّٰٓفَّٰتِ صَفّٗا [الصافات: 1]؛ يعني: الملائكة يصفون عند الله جل وعلا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أَلاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟» فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: «يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُْوَلَ فالأَوَّل وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ»([1])، فالملائكة يصفون لعبادة ربهم، فكذلك بنو آدم المسلمون يصفون للصلاة، ولا يتفرقون ولا يتشتتون، وصلاة الجماعة فيها حكم عظيمة، ومن حكم الصفوف تآلف القلوب فيما بينهم، ففيه يكونون صفًّا واحدًا، غنيهم وفقيرهم، وملكهم وصعلوكهم، وكبيرهم وصغيرهم، فيه التآلف واجتماع الكلمة بين المسلمين، وأنهم جسد واحد وبنيان واحد.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (430).