باب: المسح على الخفين
إن الله سبحانه
وتعالى لما ذكر صفة الوضوء في قوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ
وَأَيۡدِيَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ وَٱمۡسَحُواْ بِرُءُوسِكُمۡ وَأَرۡجُلَكُمۡ
إِلَى ٱلۡكَعۡبَيۡنِۚ﴾ [المائدة: 6]؛ أي: اغسلوا أرجلكم إلي الكعبين، فقوله: ﴿وَأَيۡدِيَكُمۡ﴾ معطوف على وجوهكم، ﴿إِذَا
قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ إِلَى
ٱلۡمَرَافِقِ﴾ [المائدة: 6]، وأيديكم منصوب، ﴿وَأَرۡجُلَكُمۡ﴾ [المائدة: 6] معطوف على ﴿وَأَيۡدِيَكُمۡ﴾ [المائدة: 6]، والمعطوف على
المنصوب منصوب، فأمر بغسل الرجلين إلي الكعبين، وهذا من فروض الوضوء، إلاَّ إذا
كان على الرجلين حائل ثابت عليها من خف، والخف هو: ما يصنع من الجلد، يلبس على
الرجلين، أو ما قام مقام الخف من سائر الملبوسات على الرجلين من الجلود وغيرها،
ويكون ساترا لمحل الفرض، بحيث يكون ساترا للكعبين وما تحتهما، ويكون ثابتا على
الرجل، يشق نزعه. الله جل وعلا في هذه الحالة أمر بالمسح على الخفين بدلا عن غسل
الرجلين؛ لما في نزعهما من المشقة، وهذا من تيسير الله عز وجل، وهذا يسمي رخصة،
والرخصة: ما ثبت على خلاف الدليل لمعارض راجح.
الدليل: غسل
الرجلين، هذا الدليل. والمسح على الخفين هذا معارض، ولكنه راجح، فيكون رخصة من باب
الرخصة، وغسل الرجلين من باب العزيمة، و«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى
رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ
الصفحة 1 / 670