وقد يكونُ مِمَّن يَأكل
الحَرَام، وقد قالَ النبيّ صَلى اللهُ عليهِ وسَلم: «إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤْمِنِينَ
بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ، فَقَالَ: { يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ
كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ
عَلِيمٞ} [المؤمنون: 51] ، وقَال: { يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ} [البقرة: 172] ، ثم
ذكرَ الرجُل يُطيل السفرَ أشعثَ أغبرَ، يَمُدّ يَديه إلى السماءِ، يَا رَبّ، يَا
رَبّ، ومَطعمه حَرام، ومَشربه حرامٌ، ومَلبسه حرامٌ، وغُذِّي بالحَرام، فَأنَّى
يُستجاب لِذَلك؟» ([1]).
هذه كُلّها مَوانع مِن
إجابةِ الدعَاء، فيَجِب على العَبْد أن يَنتبه لها، ويَتخلَّى منها، وأن يَدعو
بقلبٍ حَاضر، ولا يَعتدي في الدعاءِ، وإنما يَدعو اللهَ بما هو مَشروع له أن يَدعو
به، وأن يتحرَّى الحَلال في مَأكله ومَطعمه ومَشربه ومَلبسه، حَتى يُستجاب له
الدعاءُ.
فالدعاءُ دواءٌ نافعٌ
للذنوبِ وقَضاء الحَاجات، ولكِن هذا الدوَاء لابُدَّ أن يُصادِف مَحَلّه، وأن
يُؤخذ على الصِّفَة المَطلُوبة، فإذا صادفَ الدواءُ الداءَ شَفَى بإذنِ اللهِ،
وإذا لم يُصادِفه فإنه لا يَنفع، فهو مِثل دَواء الأمراضِ الحِسِّية تمامًا،
لابُدَّ أن يكونَ بصِفاتٍ مَطلوبة.
وقد قالَ الله جل وعلا : {يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ} [المؤمنون: 51] أي: المُباحات، فكُلّ ما أباحَه اللهُ فهو طَيِّب، وكُل ما حَرَّمه اللهُ فهو خَبيثٌ، كما في قَوله تبارك وتعالى : {وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ} [الأعراف: 157] ، فأكلُ الطَّيِّباتِ والمُباحات سببٌ لقَبول الدعاءِ، وأكلُ الحرامِ سببٌ لمنعِ القَبُول، فليتحرَّ العبدُ الحلالَ في مَطعمه ومَكسبه.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1015).