وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي
كِتَابِ «الزُّهْدِ» لأَِبِيهِ:
أَصَابَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَلاَءٌ، فَخَرَجُوا مَخْرَجًا، فَأَوْحَى اللَّهُ عز
وجل إِلَى نَبِيِّهِمْ أَنْ أَخْبِرْهُمْ: إِنَّكُمْ تَخْرُجُونَ إِلَى الصَّعِيدِ
بِأَبْدَانٍ نَجِسَةٍ، وَتَرْفَعُونَ إِلَيَّ أَكُفًّا قَدْ سَفَكْتُمْ بِهَا
الدِّمَاءَ، وَمَلَأْتُمْ بِهَا بُيُوتَكُمْ مِنَ الْحَرَامِ، الآْنَ حِينَ
اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَيْكُمْ؟ وَلَنْ تَزْدَادُوا مِنِّي إِلاَّ بُعْدًا ([1]).
وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ:
يَكْفِي مِنَ الدُّعَاءِ مَعَ الْبِرِّ، مَا يَكْفِي الطَّعَامَ مِنَ الْمِلْحِ ([2]).
****
الشرح
قالَ النبيُّ صلى
الله عليه وسلم : «حَدِّثُوا عَنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ» ([3]) وقال: «إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الكِتَابِ فَلاَ
تُصَدِّقُوهُمْ وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللهِ وَكُتُبِهِ
وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُمْ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلاً لَمْ
تُصَدِّقُوهُمْ» ([4]).
فأخبارُ بَني إسرائيلَ عَلى
ثلاثةِ أقسامٍ - كما ذكرَ ابنُ كثيرٍ في أوَّل تفسيره ([5]) - :
القسم الأول: ما يُوافق شريعتَنا،
فهذا نَقْبَلُه.
والقسم الثاني: ما يُخالف
شريعتَنا، فهذا لا نَقْبَلُه.
والقسم الثالث: ما لا يُوافق ولا يُخالف، فهذا نَتوقَّف فيه، فلا نُصدِّقه ولا نُكذِّبه، لأنه يَحتمل أن يكونَ حقًّا فنكُون كذَّبنا بالحَقّ، أو يَحتمل أن يكونَ باطلاً فنكُون صدَّقنا بالباطلِ.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (13)، والبيهقي في الشعب رقم (1116).