وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي
الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْمُجَابِينَ فِي الدُّعَاءِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:
كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَْنْصَارِ
يُكَنَّى أَبَا مُعَلَّقٍ، وَكَانَ تَاجِرًا يَتَّجِرُ بِمَالٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ،
يَضْرِبُ بِهِ فِي الآْفَاقِ، وَكَانَ نَاسِكًا وَرِعًا، فَخَرَجَ مَرَّةً
فَلَقِيَهُ لِصٌّ مُقَنَّعٌ فِي السِّلاَحِ، فَقَالَ لَهُ: ضَعْ مَا مَعَكَ
فَإِنِّي قَاتِلُكَ، قَالَ: فَمَا تُرِيدُهُ مِنْ دَمِي؟ شَأْنُكَ بِالْمَالِ،
قَالَ: أَمَّا الْمَالُ فَلِي، وَلَسْتُ أُرِيدُ إِلاَّ دَمَكَ، قَالَ: أَمَّا
إِذَا أَبَيْتَ فَذَرْنِي أُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، قَالَ صَلِّ مَا بَدَا
لَكَ.
فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى
أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ فِي آخِرِ سُجُودِهِ أَنْ قَالَ: يَا
وَدُودُ يَا وَدُودُ، يَا ذَا الْعَرْشِالْمَجِيدِ، يَا فَعَّالاً لِمَا تُرِيدُ،
أَسْأَلُكَ بِعِزِّكَ الَّذِي لاَ يُرَامُ، وَبِمُلْكِكَ الَّذِي لاَ يُضَامُ،
وَبِنُورِكَ الَّذِي مَلَأَ أَرْكَانَ عَرْشِكَ، أَنْ تَكْفِيَنِي شَرَّ هَذَا
اللِّصِّ، يَا مُغِيثُ أَغِثْنِي، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ
أَقْبَلَ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ قَدْ وَضَعَهَا بَيْنَ أُذُنَيْ فَرَسِهِ، فَلَمَّا
بَصُرَ بِهِ اللِّصُّ أَقْبَلَ نَحْوَهُ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ
إِلَيْهِ، فَقَالَ: قُمْ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ فَقَدْ
أَغَاثَنِي اللَّهُ بِكَ الْيَوْمَ، فَقَالَ: أَنَا مَلَكٌ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ
الرَّابِعَةِ، دَعَوْتَ بِدُعَائِكَ الأَْوَّلِ، فَسَمِعْتُ لأَِبْوَابِ
السَّمَاءِ قَعْقَعَةً، ثُمَّ دَعَوْتَ بِدُعَائِكَ الثَّانِي، فَسَمِعْتُ
لأَِهْلِ السَّمَاءِ ضَجَّةً، ثُمَّ دَعَوْتَ بِدُعَائِكَ الثَّالِثِ، فَقِيلَ
لِي: دُعَاءُ مَكْرُوبٍ فَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُوَلِّيَنِي قَتْلَهُ.
قَالَ الْحَسَنُ: فَمَنْ
تَوَضَّأَ وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ، اسْتُجِيبَ
لَهُ، مَكْرُوبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَكْرُوبٍ ([1]).
****
الشرح
في هذا الأثرِ أن هَذا الصحابِيّ لما وقعَ في هذا الكَرْب، وتمكَّن منه عَدوّه وهدَّده، قامَ يُصلِّي، ودعَا اللهَ سبحانه وتعالى وتوسَّل إليه بأسمَائه وصِفاته،
([1])أخرجه: ابن أبي الدنيا في مجابو الدعوة (ص: 28).