وَتَارَةً يَأْتِي بِلاَمِ
التَّعْلِيلِ كَقَوْلِهِ: {لِّيَدَّبَّرُوٓاْ
ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} [ص: 29] ، وَقَوْلِهِ: { لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ
عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ} [الْبَقَرَةِ:
143] .
وَتَارَةً يَأْتِي بِأَدَاةِ
«كَيِ» الَّتِي لِلتَّعْلِيلِ
كَقَوْلِهِ: { كَيۡ لَا
يَكُونَ دُولَةَۢ بَيۡنَ ٱلۡأَغۡنِيَآءِ مِنكُمۡۚ} [الْحَشْرِ: 7] .
وَتَارَةً يَأْتِي بِبَاءِ
السَّبَبِيَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: { ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ
أَيۡدِيكُمۡ} [آلِ عِمْرَانَ:
182] ، وَقَوْلِهِ: {بِمَا
كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} [الأعراف:
43] ، وَقَوْلِهِ: {بِمَا
كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} [الأنعام:
129] ، وَقَوْلِهِ: {ذَٰلِكَ
بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ يَكۡفُرُونَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ } [البقرة: 61] .
****
الشرح
قالَ اللهُ تبارك وتعالى في
سُورة «ص»: {كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ
إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ} لأيِّ شيءٍ؟ {لِّيَدَّبَّرُوٓاْ
ءَايَٰتِهِۦ} [ص: 29] ، اللهُ
أنزلَ القُرآن لأجلِ أن يُتدبَّر، وليسَ لأجلِ أن يُحفَظ ويُردَّد وتُحسَّن به
الأصواتُ ويُجوَّد، هذه كُلها وَسَائِل ليستْ هي المَقصودة، وإنما المَقصُود
تدبُّر آياتِه وتفهُّم مَعانيه.
وقال عز وجل : {وَكَذَٰلِكَ
جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا}، أي: عدولاً خيارًا، لأجلِ أيِّ شيءٍ؟ {لِّتَكُونُواْ
شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ} [البقرة: 143] ؛ لأنه يُشتَرط في الشاهدِ العَدالة،
فهذه الأمَّة يومَ القِيامة تكُون شاهدةً على الأُمَم بأن رُسلهم بلَّغُوهم
الرِّسَالات.
ولما ذكرَ الله سبحانه
وتعالى تَقسيم الفَيْء في سُورة الحَشْر قالَ: { كَيۡ لَا يَكُونَ دُولَةَۢ
بَيۡنَ ٱلۡأَغۡنِيَآءِ مِنكُمۡۚ} [الْحَشْرِ: 7] ، يَعني: أننا وزَّعناه على هذهِ
الصِّفَة وهذا النِّظَام؛ لئلاَّ يكُون بأيدِي الأَغْنِياء دونَ الفُقراء، فيُحرَم
منه الفُقراء.