الذِي تَشرب فيه، فهِي كانتْ
تَشرب المَاء في يومٍ وتَسقيهم اللبنَ، وتَترك لهم المَاء في يومٍ، كما في قَوله
تبارك وتعالى : { قَالَ
هَٰذِهِۦ نَاقَةٞ لَّهَا شِرۡبٞ وَلَكُمۡ شِرۡبُ يَوۡمٖ مَّعۡلُومٖ} [الشعراء: 155] ،
لكِنهم - والعياذُ باللهِ - حملَهم الكُفر على أن يَعقروها: {فَكَذَّبُوهُ
فَعَقَرُوهَا فَدَمۡدَمَ عَلَيۡهِمۡ رَبُّهُم بِذَنۢبِهِمۡ فَسَوَّىٰهَا}، الشاهِد: أن
الفاءَ في قَوله: {فَدَمۡدَمَ} [الشمس:14] فاءُ
السببيةِ.
وقالَ عز وجل في سُورة
الحَاقَّة: {
فَعَصَوۡاْ رَسُولَ رَبِّهِمۡ فَأَخَذَهُمۡ أَخۡذَةٗ رَّابِيَةً } [الحاقة: 10] ، أي:
بسببِ مَعصية الرسُول أخذَهم الله جل وعلا .
وقالَ تبارك وتعالى في قَوم
مُوسى: {فَكَذَّبُوهُمَا}، أي كذَّبوا مُوسى
وهَارون عَليهما السلاَم{فَكَانُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡلَكِينَ} [المؤمنون: 48] ،
فالفاءُ هُنا سَببيَّة.
وقالَ جل وعلا : {
فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا }، يَعني: أغضبُونا {ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ} [الزخرف: 55] ،
فسببُ الانتقامِ أنهم أغضبُوا اللهَ بكُفرهم.
وقالَ سبحانه وتعالى : {إِنَّهُمۡ
كَانُواْ}، يَعني: الأنبيَاء
عليهم السلام : {يُسَٰرِعُونَ
فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ}، «إن» هَذه
تَعليلية، فالسبَب: أنهم كَانوا يُسارعون في الخَيْرات، ويَدعون اللهَ { رَغَبٗا
وَرَهَبٗاۖ} [الأنبياء: 90]
يَعني: خوفًا ورجاءً، فأكرمَهم اللهُ لهذا السَّبَب.
وقالَ في ضِدِّ هَؤلاء: {إِنَّهُمۡ
كَانُواْ قَوۡمَ سَوۡءٖ}، يَعني: قَوم نُوح عَليه السلاَم {فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ
أَجۡمَعِينَ} [الأنبياء: 77] ،
أغرقَهم الله عز وجل بسَبب أنهم كَانوا قَوم سُوءٍ وكفرٍ ومَعاصِي.
وقالَ في صَاحبِ الحُوت: {فَلَوۡلَا} هذا حرفُ امتناعٍ لوجُود، {أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ} [الصافات: 43] أي: مِن المُصلِّين في حَالة الرَّخَاء {لَلَبِثَ فِي بَطۡنِهِۦٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ} [الصافات: 44] ، أنقذَه اللهُ تبارك وتعالى مِن بَطن الحُوت بسَبب أنه كَان عابدًا للهِ في حَالة الرخاءِ، هذا هو السببُ.