وَقَدْ رَتَّبَ اللَّهُ
سُبْحَانَهُ حُصُولَ الْخَيْرَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، وَحُصُولَ
السُّرُورِ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ فِي كِتَابِهِ عَلَى الأَْعْمَالِ،
تُرَتُّبَ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ، وَالْمَعْلُولِ عَلَى الْعِلَّةِ،
وَالْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ.
وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ
يَزِيدُ عَلَى أَلْفِ مَوْضِعٍ.
فَتَارَةً يُرَتِّبُ
الْحُكْمَ الْخَبَرِيَّ الْكَوْنِيَّ وَالأَْمْرَ الشَّرْعِيَّ عَلَى الْوَصْفِ
الْمُنَاسِبِ لَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا عَتَوۡاْ عَن مَّا
نُهُواْ عَنۡهُ قُلۡنَا لَهُمۡ كُونُواْ قِرَدَةً خَٰسِِٔينَ} [الأَْعْرَافِ:
166] ، وَقَوْلِهِ: {فَلَمَّآ
ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} [الزُّخْرُفِ: 55]
، وَقَوْلِهِ: {وَٱلسَّارِقُ
وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا} [الْمَائِدَةِ: 38] ، وَقَوْلِهِ: {إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ
وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ} إلى قوله: {وَٱلذَّٰكِرِينَ
ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا
عَظِيمٗا} [الأَْحْزَابِ:
35] ، وَهَذَا كَثِيرٌ جِدًّا.
****
الشرح
الله جل وعلا ربطَ الأشياءَ
بأسبابِها، فإذا حصلَ السببُ حصلَ المُسبّب بإذنِ اللهِ، وإذا لم يَحصُل السببُ لم
يَحصُل المُسبّب، فجعلَ دخولَ الجنةِ مربوطًا بالأعمالِ الصالحَة، وجعلَ دخولَ
النارِ مربوطًا بالأعمالِ السيِّئة، كُل شيءٍ له سَبب، ولم يُقدّر الأشياءَ بدونِ
أسبابٍ، ومِن ذلكَ:
قَول الله عز وجل عن بَني
إسرائيلَ: {فَلَمَّا
عَتَوۡاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنۡهُ}، مِن قتلِ الصيدِ يومِ السَّبت، احتالُوا عليها
وأمسكُوها، {قُلۡنَا
لَهُمۡ كُونُواْ قِرَدَةً خَٰسِِٔينَ} [الأَْعْرَافِ: 166] مَسخهم من آدميِّين إلى قِرَدةٍ
عقوبةً لهم، وهذه العُقوبة مَربوطة بفِعلهم، حيثُ تمرَّدوا على ما نَهاهم اللهُ عز
وجل عنه، فدلَّ على أن المَعاصي والكُفر سببٌ للعقوبةِ.