×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 وَكَاغْتِرَارِ بَعْضِ الْجُهَّالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡكَرِيمِ} [الاِنْفِطَارِ: 6] فَيَقُولُ: كَرَّمَهُ! وَقَدْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ لَقَّنَ الْمُغْتَرَّ حُجَّتَهُ، وَهَذَا جَهْلٌ قَبِيحٌ، وَإِنَّمَا غَرَّهُ بِرَبِّهِ الْغَرُورُ - وَهُوَ الشَّيْطَانُ - وَنَفْسُهُ الأَْمَّارَةُ بِالسُّوءِ وَجَهْلُهُ وَهَوَاهُ.

وَأَتَى سُبْحَانَهُ بِلَفْظِ «الْكَرِيمِ»، وَهُوَ السَّيِّدُ الْعَظِيمُ الْمُطَاعُ الَّذِي لاَ يَنْبَغِي الاِغْتِرَارُ بِهِ، وَلاَ إِهْمَالُ حَقِّهِ، فَوَضَعَ هَذَا الْمُغْتَرُّ الْغَرُورَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَاغْتَرَّ بِمَنْ لاَ يَنْبَغِي الاِغْتِرَارُ بِهِ.

وَكَاغْتِرَارِ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي النَّارِ: {لَا يَصۡلَىٰهَآ إِلَّا ٱلۡأَشۡقَى ١٥ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ١٦} [اللَّيْلِ: 15، 16] ، وَقَوْلِهِ: {أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ} [الْبَقَرَةِ: 24] . وَلَمْ يَدْرِ هَذَا الْمُغْتَرُّ أَنَّ قَوْلَهُ: {فَأَنذَرۡتُكُمۡ نَارٗا تَلَظَّىٰ} [الليل: 14] هِيَ نَارٌ مَخْصُوصَةٌ مِنْ جُمْلَةِ دَرَكَاتِ جَهَنَّمَ، وَلَوْ كَانَتْ جَمِيعَ جَهَنَّمَ فَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ «لاَ يَدْخُلُهَا» بَلْ قَالَ: {لَا يَصۡلَىٰهَآ إِلَّا ٱلۡأَشۡقَى} وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ صَلْيِهَا، عَدَمُ دُخُولِهَا، فَإِنَّ الصَّلْيَ أَخَصُّ مِنَ الدُّخُولِ، وَنَفْيُ الأَْخَصِّ لاَ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الأَْعَمِّ.

ثُمَّ هَذَا الْمُغْتَرُّ لَوْ تَأَمَّلَ الآْيَةَ الَّتِي بَعْدَهَا؛ لَعَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهَا، فَلاَ يَكُونُ مَضْمُونًا لَهُ أَنْ يُجَنَّبَهَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي النَّارِ {أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ}، فَقَدْ قَالَ فِي الْجَنَّةِ: {أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: 133] ، وَلاَ يُنَافِي إِعْدَادُ النَّارِ لِلْكَافِرِينَ أَنْ يَدْخُلَهَا الْفُسَّاقُ وَالظَّلَمَةُ، وَلاَ يُنَافِي إِعْدَادُ الْجَنَّةِ لِلْمُتَّقِينَ أَنْ يَدْخُلَهَا مَنْ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِنَ الإِْيمَانِ، وَلَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ.

وَكَاتكال بَعْضِهِمْ عَلَى صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَوْ يَوْمِ عَرَفَةَ، حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ: يَوْمُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ ذُنُوبَ الْعَامِ كُلَّهَا، وَيَبْقَى صَوْمُ عَرَفَةَ زِيَادَةً فِي الأَْجْرِ، وَلَمْ يَدْرِ هَذَا الْمُغْتَرُّ، أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ،


الشرح