×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ» ([1]).

****

الشرح

تقدَّم أن مِن أهلِ الضَّلال مَن يَتركون الأعمالَ، ويَرتكبون المَعاصي، ويَقولون: نحنُ نُحسِن الظنَّ باللهِ أنه يَغفِر لَنا. وهَذا مِن المُغالطة، فإن مَن أحسنَ الظنَّ باللهِ فإنه يَعمل الأعمالَ الصالحةَ؛ لأنه يَعتقد أن اللهَ لا يُضيع أجرَه، وأنه يَحفظ له أعمالَه، هذا هو الذِي يُحسِن الظنَّ باللهِ، الذِي يَعمل الأعمالَ الصَّالحة، ويَتجنَّب المُحرَّمات؛ لأنَّه يَعتقد أن ذلكَ يَنفعه عِند اللهِ سبحانه وتعالى ، وأن اللهَ يتكرَّم عليه، فهو يَعملُ الأسبابَ.

وأما الذِي يَقول: إنه يُحسِن الظنَّ باللهِ - ولا يُحسِن العملَ - ، فهذا عَجْزٌ مَذموم؛ ولهذا قالَ صلى الله عليه وسلم : «الكَيِّسُ» يَعني: العَاقل «مَنْ دَانَ نَفْسَهُ» يَعني حاسبَها «وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ»، فدلَّ على أنه لا بُدَّ مِن عملٍ، « وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ»، فهو يُحسِن الظنَّ باللهِ، ولكِنه لا يَعمل الأسبابَ التِي تَجعل له قُربة مِن اللهِ سبحانه وتعالى .

وهَذا هو العَجْزُ الذِي استعاذَ مِنه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فقالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالحَزَنِ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» ([2])، هذا هو العجزُ المَذموم، أما العاجزُ الذِي لا يَستطيع فهذا مَعذورٌ، وإنما الكَلام عن الذِي يَترك العملَ وهو يَستطيعُه، هَذا هو العَاجِز المَذموم.


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (2459)، وابن ماجه رقم (4260)، وأحمد رقم (17123).

([2])أخرجه: البخاري رقم (2893).