×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 وَلاَ تَسْتَطِلْ هَذَا الْفَصْلَ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ شَدِيدَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَبَيْنَ الْغُرُورِ بِهِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ يَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [الْبَقَرَةِ: 218] فَجَعَلَ هَؤُلاَءِ أَهْلَ الرَّجَاءِ، لاَ الْبَطَّالِينَ وَالْفَاسِقِينَ.

قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَٰهَدُواْ وَصَبَرُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} [النَّحْلِ: 110] فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ بَعْدَ هَذِهِ الأَْشْيَاءِ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِمَنْ فَعَلَهَا.

فَالْعَالِمُ يَضَعُ الرَّجَاءَ مَوَاضِعَهُ، وَالْجَاهِلُ الْمُغْتَرُّ يَضَعُهُ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهِ.

****

الشرح

لا شكَّ أن هذا فصلٌ عَظيم، ذكرَ المُصنف رحمه الله في أوَّله الدعَاء، وأنه سببٌ من أعظمِ الأسبابِ للرحمةِ والنَّجاة، ثم تطرَّق إلى الفِرَق الضالَّة التِي تُغالِط في الدعاءِ، وتَقول: إنه مُعولٌ على القضاءِ والقَدَر، وأن الدعاءَ لا يَنفع، وبَعضهم يقولُ: الدعاءُ عِبادة فقط، ولكِنه لا يَنفع، وهذه كُلّها أشياءُ باطلةٌ.

قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ يَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ}، هَؤلاء لم يَقتصروا على الرجاءِ فَقط، ولكنهم آمنُوا وهَاجروا وجَاهدوا، وبعدَ ذلك يَرجُون رحمةَ اللهِ تبارك وتعالى ، فدَلَّ على أن الإنسانَ يَنبغي له ألاَّ يَركن إلى عَمله، ولا يَقطع في نَفسه أنه سيكونُ من أهلِ الجنَّة، بل يَخافُ من عَذاب الله عز وجل ، ويَرجُو رحمتَه سبحانه وتعالى .


الشرح