أما أن يُقِيم على المَعاصي ويَقول: إن الذكرَ
يَمحُوها. فهذا غَلَطٌ، إنما يَمحوها مع تَركها.
ومِن المُغالطة أيضًا أن
يَحْتَجّ بَعضهم بأن فضائلَ الأعمالِ مِن المُكفِّرات وهو مُقِيم على المَعاصِي،
ويَظُن أنه إذا طافَ بالبيتِ غُفِر له ولو كانَ مقيمًا على المَعصيةِ. وبَعضهم
يَظُن أن وجودَه في مَكَّة وعِند الحَرَم يَكفي لمَغفرة ذُنوبه، ولو فعلَ ما فعلَ،
وبَعضهم يَظُنّ أن صلاةَ الجُمُعَة تُكفِّر الذنوبَ ويَترُك الصلواتِ الخَمس،
ويَحتَجّ بحديثِ: «الجُمُعَةُ إِلَى
الجُمُعَةِ مُكَفِّرَاتُ مَا بَيْنَهُنَّ»، ولا يُكمِل الحَديث: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى
الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتُ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا
اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ»، وتَرك الصلواتِ الخَمس مِن أعظمِ الكَبائر.
وبَعضهم يَظُنّ أن صِيام
رَمضان يَكفي عن السنةِ كُلّها ويُكفِّر الذنوبَ وهو مُقِيم عليها، وبَعضهم يَظُنّ
أنه إذا حَجَّ غُفِرَت له ذُنوبه كُلها ولو كَان مُقيمًا عليها ولم يَترُكها، إلى
غَير ذلكَ مِن المُغالطات.
وبَعضهم يَحتجُّ بقولِ اللهِ
سبحانه وتعالى في الحَديث القُدسِيِّ: «عَلِمَ
عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِهِ، قَدْ غَفَرْتُ
لِعَبْدِي، فَلْيَصْنَعْ مَا شَاءَ»، لا شكَّ أن لنا ربًّا يغفرُ الذنبَ
ويَأخُذ به، لكِن مع التوبةِ، أما أنه يَغفر الذنبَ والعَبد مُقيم على المَعصية
فلا يَحصُل، هذا لا يُغفر له حتَّى يَترُك المَعصية.
فمَن قالَ: ربِّ اغفرْ لي. مَعناه أنه أَقَرَّ بأنه مُذنِب، فتركَ الذنبَ، وندمَ على فِعله، وعزمَ على ألا يعودَ إليه. لا أن يقولَ ذلك باللسانِ فَقط وهو مُقيم على الذنوبِ والمَعاصي.