×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

 وَمِنْ هَؤُلاَءِ الْمَغْرُورِينَ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الْجَبْرِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ لاَ فِعْلَ لَهُ الْبَتَّةَ وَلاَ اخْتِيَارَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَجْبُورٌ عَلَى فِعْلِ الْمَعَاصِي.

وَمِنْ هَؤُلاَءِ مَنْ يَغْتَرُّ بِمَسْأَلَةِ الإِْرْجَاءِ، وَأَنَّ الإِْيمَانَ هُوَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ، وَالأَْعْمَالَ لَيْسَتْ مِنَ الإِْيمَانِ، وَأَنَّ إِيمَانَ أَفْسَقِ النَّاسِ كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ.

وَمِنْ هَؤُلاَءِ مَنْ يَغْتَرُّ بِمَحَبَّةِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَشَايِخِ وَالصَّالِحِينَ، وَكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ إِلَى قُبُورِهِمْ، وَالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِمْ، وَالاِسْتِشْفَاعِ بِهِمْ، وَالتَّوَسُّلِ إِلَى اللَّهِ بِهِمْ، وَسُؤَالِهِ بِحَقِّهِمْ عَلَيْهِ، وَحُرْمَتِهِمْ عِنْدَهُ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَغْتَرُّ بِآبَائِهِ وَأَسْلاَفِهِ، وَأَنَّ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَكَانَةً وَصَلاَحًا، فَلاَ يَدَعُون أَنْ يُخَلِّصُوهُ، كَمَا يُشَاهِدُ فِي حَضْرَةِ الْمُلُوكِ، فَإِنَّ الْمُلُوكَ تَهَبُ لِخَوَاصِّهِمْ ذُنُوبَ أَبْنَائِهِمْ وَأَقَارِبِهِمْ، وَإِذَا وَقَعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي أَمْرٍ مُفْظِعٍ خَلَّصَهُ أَبُوهُ وَجَدُّهُ بِجَاهِهِ وَمَنْزِلَتِهِ.

****

الشرح

بعدَ أن ذكرَ المُصنِّف رحمه الله الذينَ يُعطِّلون الأسبابَ ويَتعلَّقون بنصوصِ الرجاءِ دونَ التفقُّه في مَعناها، قالَ: «ومِن هَؤلاء المَغرورين مَن يتعلَّق بمَسألة الجَبْر»، فيرتكبونَ الذنوبَ والمَعاصي ويَقولون: «أن العبدَ لا فِعْلَ له البتةَ ولا اختيارَ»، وهَذه حُجة شيطانيةٌ أُخرى، حيثُ يَقول أحدُهم: ما دامَ أَني مُقدَّر عليَّ هذا فلا بُدَّ أن يقعَ، وليسَ لي فرارٌ مِنه. فيترُك الأسبابَ ولا يترُك الذنوبَ والمَعاصي.

وهَؤلاء عَلى النقيضِ من المُرجئة الذينَ يَقولون: «إن الإيمانَ هو مُجرَّد التصديقِ، والأعمالُ ليستْ مِن الإيمانِ»، فإذا صدَّق بقَلبه ولو يَعمل ما يَعمل مِن الكُفر والمَعاصي كانَ مؤمنًا عِندهم،


الشرح