×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

أي: يَكفيه الإيمَان بالقلبِ، وهَذا أشدُّ مذاهبِ المُرجئة؛ لأن المُرجئة فِرَق بَعضهم أشدّ من بعضٍ.

فهَؤلاء يَقولون بأن الإيمانَ لا يَزيد ولا يَنقُص؛ لأنَّه في القَلب، فإيمانُ جبريلَ وإيمانُ أفسقِ الناسِ سَواء، كُلهم يُؤمنون باللهِ، ولا دخلَ للأعمالِ في الإيمانِ عِندهم.

قالَ: «ومِن هَؤلاء مَن يَغترّ بمحبةِ الفُقراء والمَشايخ والصَّالحين»، فهُو لا يُنكِر الأسبابَ، لكِنه يتَّخذ أسبابًا غَير مَشروعة، فيَذهب إلى القُبور وإلى الأمواتِ، ويَقول: هَذه أسبابُ المغفرةِ، وأسبابٌ لحصولِ المَقصود! فيتعلَّق بالمَخلوقين والأمواتِ ويَنسى اللهَ سبحانه وتعالى ، ولا يكُون للهِ ذكرٌ عِنده، وإنمَا يَدعو الوَلِيّ الفُلانِيّ، وصَاحب القبرِ الفُلاني، وليسَ له هَمٌّ إلا التعلُّق بالأمواتِ، وطَلب الشفاعَة وقَضاء الحَوائِج مِنهم، ولا يَلْجَأ إلى الله جل وعلا .

قالَ: «ومِنهم مَن يَغترّ بآبائِه وأَسلافه»، فيقُول: آبائِي صَالحين، وأنا مِن ذُرِّيَّتهم، ولا تَضُرّني المَعاصي لأني وَلد فُلان العَالم العَابد، ويَنسى أن كُل واحدٍ له عَمله، وأنه لا يَنفع أحدٌ أحدًا يومَ القِيامة: { وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡ‍ٔٗا} [البقرة: 48] .

وهَؤلاء ما قَدرُوا اللهَ حقَّ قدرِه، فيَقيسون اللهَ تبارك وتعالى عَلى مُلوك الدنيَا، فالمُلوك في الدنيَا يَتسامحون عَن بعضِ الناسِ نظرًا لمَكانة آبائِهم وأجدادِهم ومَنزلتهم عِندهم.


الشرح